الفرقة الثالثة من فرق المرجئة هي: الغسانية، وهم أصحاب غسان الكوفي، وهؤلاء قالوا: الإيمان هو المعرفة، ولكنهم زادوا فقالوا: المعرفة بالله وبرسوله إجمالاً لا تفصيلاً.
وهذا الكلام في منتهى الخطورة، ودائماً كلام أهل البدع كلام مجمل؛ حتى لا ينتبه له من لا حظ له من العلم.
والإجمال مثل أن يقول العبد: قد فرض الله الحج، ولكن لا أدري أين الكعبة، فأنا مؤمن بأن الله تعالى فرض علي الحج، ولكن كيف أحج؟ وأنا مؤمن أن الله تبارك وتعالى أمرنا أن نصلي إلى الكعبة، ولكني لا أدري أين الكعبة، فلعلها التي في مكة، ولعلها غير التي في مكة، وأعلم أن الله تعالى حرم الخنزير، ولكني لا أعرف الخنزير، فربما يكون هو هذه الدابة أو هذه الشاة أو غيرها، وأعلم أن الله تعالى حرم الخمر، ولكني لا أعرف الخمر التي حرمها الله عز وجل، يعني: أنه يقر بالأصول وينكرها في نفس التوقيت، وهذا تلاعب.
والقائل بهذه المقالات عندهم مؤمن، ومقصوده بما ذكره أن هذه الأمور ليست داخلة في حقيقة الإيمان، وإلا فهذه الأمور لا يشك فيها عاقل.
والإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص، وإذا كان إنكار أصول الإسلام وثوابت الإيمان عندهم هو تمام الإيمان فكيف يتصور نقصانه وزيادته؟