ثم قال الطحاوي: وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، أي: الذي يظل يجادل ويناظر في القدر، ويقول: لماذا فعل الله كذا؟ ولماذا لم يفعل كذا؟ وما هي الحكمة من كذا؟ فهذا يدل على أن العبد هذا مخذول، فالخير كل الخير في اتباع من سلف، والسلف لم يكونوا يعملون هذا، فالسلف ممسكون تماماً عن الكلام في القدر، فما الذي يمنعنا أن نمسك عن القدر، ونؤمن به خيره وشره! قال: والتعمق والنظر في ذلك -أي: في القدر- ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه -أي: عن خلقه-، ونهاهم عن مرامه -أي: عن مقاصده وغاياته- كما قال الله تعالى في كتابه:{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣]، فمن سأل: لم فعل الله كذا؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.