[ذكر ما كان من ابن أبي ليلى مع الرجل الذي قال بخلق القرآن]
قال:[قال محمد بن عمر: إن ابن أبي ليلى قال: حدثني أبي قال: لما قدم ذلك الرجل إلى محمد بن عبد الله بن أبي ليلى شهد عليه حماد بن أبي سليمان وغيره أنه قال: القرآن مخلوق، وشهد عليه قوم مثل قول حماد بن أبي سليمان، فحدثني خالد بن نافع قال: كتب ابن أبي ليلى إلى أبي جعفر وهو بالمدينة بما قاله ذلك الرجل، وشهادته عليه وإقراره، فكتب إليه أبو جعفر: إن هو رجع وإلا فاضرب رقبته وأحرقه بالنار، فتاب ورجع عن قوله في القرآن.
قال وكيع: ولما كان من أمر الرجل ما كان قال له ابن أبي ليلى: من خلقك؟ قال: الله، قال: فمن خلق منطقك؟ قال: الله.
قال: خُصِمت، قال: صدقت، فماذا تقول؟ قال: فإني أتوب إلى الله.
قال: فبعث معه ابن أبي ليلى أمينين فيوقفاه إلى حلقة من حلق المسجد يقولان لهم: إنه قال: إن القرآن مخلوق فقد تاب ورجع، فإن سمعتموه يقول شيئاً فارفعوا ذلك إلي، قال: وأمر موسى بن عيسى حرسياً -أي: شرطياً- فقال: لا تدعنه يفتي في المسجد.
قال: فكان إذا صلى قال الحرسي: قم إلى منزلك، فيقول له: دعني أسبح، فيقول: ولا كلمة].
انظر إلى حرص الناس على دين الله عز وجل، إنه لأمر عجب! [قال: فلا يتركه حتى يقيمه، فلما قدم محمد بن سليمان جمع جماعة فكلمه؛ فأذن له وجلس في المسجد].
فلم يجلس في المسجد إلا برخصة.
ونحن في الحقيقة أردنا أن نستبشر خيراً بسرد كلام السلف؛ لأن سرد كلام السلف فيه نور وبركة عظيمة جداً، فأردنا أن نسعد بسماع وقراءة كلام سلفنا رضي الله عنهم أجمعين.