للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأدلة على إثبات النزول لله عز وجل من السنة]

الأدلة على إثبات النزول لله عز وجل في السنة أتت بطريق التواتر، وأنتم تعلمون أن الحديث المتواتر: هو ما رواه عدد كثير في كل طبقة من طبقاته بحيث تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.

حديث يأتي من عشر طرق أو من عشرين أو ثلاثين أو سبعين أو مائة، وهذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يذكر هذا الحديث في كل مكان وفي كل زمان، سمعه من النبي عليه السلام ما يزيد عن عشرين نفساً من أصحابه، كلهم رووه رضي الله عنهم أجمعين، منهم: ابن مسعود وابن عباس وأم سلمة وأبو هريرة وغيرهم كثير.

فرواية أبي هريرة التي هي من طريق الزهري قال: [أخبرني أبو سلمة والأغر - سلمان صاحب أبي هريرة - أن أبا هريرة أخبرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا)] فالنزول ليس إلى الأرض وإنما إلى السماء الدنيا.

أي: السماء التي تلي الأرض ينزل إليها ربنا تبارك وتعالى.

والزمن: حين يبقى ثلث الليل الآخر.

وهناك روايات قد وردت أنه ينزل إذا انصرم الثلث الأول من الليل، أو إذا مضى الثلث الأول من الليل.

ورواية: أو شطر الليل، ينزل ربنا تبارك وتعالى إذا انتصف الليل إلى سماء الدنيا، وإن كانت كل هذه أحاديث صحيحة في الجملة، إلا أن اتفاق أهل العلم على أن أصح الروايات في نزول المولى تبارك وتعالى حديث أبي هريرة الذي هو من طريق الزهري لا من طريق غيره، وأن نزول المولى تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر.

يعني: ينزل في آخر الليل وهو الوقت المشهود، الوقت الذي يستجيب الرب تبارك وتعالى فيه دعاء العباد.

قال: [(ينزل الله عز وجل كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ من يسألني فأعطيه)] إلى آخر الحديث.

وقد روي هذا الحديث من طريق أبي سعيد الخدري، ومن طريق علي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وجابر بن عبد الله الأنصاري ورفاعة الجهني، ومن طريق أبي الدرداء وعبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم وأبي ثعلبة الخشني وعقبة بن عامر الجهني، كلهم وغيرهم يروي هذا الحديث، كما روي في مرسلات علي وعائشة رضي الله عنهما وعبد الله بن مسعود.

كل هذا يثبت أن الله تبارك وتعالى ينزل وإن اختلفت المناسبة، فينزل ليلة عرفة -أي: يوم عرفة- حتى يدنو من العباد فيقول: (ألا هل من داع؟ ألا هل من مستغفر؟ ألا هل من تائب؟).

ويدنو في ليلة النصف من شعبان، وينزل في الثلث الأخير من الليل كما جاء عن أم سلمة كذلك.