ذكر ابن الجوزي عليه رحمة الله اختلاف فرقة اليهود، فذكر أن الناس كانوا على التوحيد، ثم استمر الأمر في عهد نبوة موسى عليه السلام -يعني: على التوحيد- أي: في وجود موسى عليه السلام بين أمة اليهود، وإثبات الصفات الكمالية لله عز وجل، إلى أن توفي موسى عليه السلام ودخل الدغل على بني إسرائيل -أي: دخلت عليهم الأهواء والابتداع- ورفع التعطيل رأسه بينهم -أي: عطلوا الباري تبارك وتعالى عن صفاته- وأقبلوا على علوم المعطلة، وهم أعداء موسى عليه السلام، وقدموها على نصوص التوراة، واعلم أن سنة الله عز وجل في الخلق واحدة، فالابتداع والشر ما دخل في دين الله عز وجل بخيله ورجله إلا لما ترجمت كتب اليونان في زمن الدولة العباسية، واتخذ الناس كلام الفلاسفة والمتكلمين ديناً لهم، وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم ظهرياً.
ولذلك لما مات موسى عليه السلام اتخذ الناس الذين أتوا بعده كلام المعطلة والمتكلمين ديناً، وتركوا نصوص التوراة، وقدموها على التوراة، فسلط الله عليهم من أزال ملكهم وشردهم من أوطانهم، وسبى ذراريهم، كما هي عادته تبارك وتعالى وسنته في عباده إذا أعرضوا عن الوحي وتعوضوا عنه بكلام الملاحدة المعطلة من الفلاسفة وغيرهم.
والحاصل: أن هذا الداء لما دخل في بني إسرائيل كان سبب دمارهم وزال ملكهم.