للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فشل العقائد المبتدعة أمام عقيدة أهل السنة والجماعة]

قال: [ثم إنه من حين حدثت هذه الآراء المختلفة في الإسلام، وظهرت هذه البدع من قديم الأيام، وفشت في خاصة الناس والعوام، وأشربت قلوبهم حبها، حتى خاصموا فيها بزعمهم تديناً أو تحرجاً من الآثار، لم تر دعوتهم انتشرت في عشرة من منابر الإسلام متوالية].

أي: أن هؤلاء الشيعة جماعة مبتدعة ليسوا على الحق، ولم نر لدعوتهم انتشاراً في مصر وغيرها، بينما أهل السنة لهم انتشار في كل مكان وزمان؛ لأن هذا دين ربنا سبحانه وتعالى، فهو الذي ينشره وينصره ويؤازره بعباده الصالحين، فأنت عندما تنظر إلى أهل الحق في كل زمان ومكان تجدهم كثير، وأما أهل البدع فقلة لا يكتب لهم ولمنهجهم الانتشار والذيوع، ونحن في بعض الأحيان نهول الأمر جداً مخافة الانتشار، ولذا ليس هناك ساقطة في الأرض إلا ولها لاقطة خاطفة للجهال، والجهال في مصر كثير جداً، فقد يأتي إليك شخص ويجلس معك ويقول لك كلمتين فتقتنع بها، ثم بعد ذلك في المجلس الثاني يكلفك بأن تدعو بهذا الكلام غيرك، وهكذا البدعة تنتشر، لذا أول ما تظهر البدعة لابد أن تأخذ على رأسها بالنعال من أجل أن تردها إلى أصلها، ولذلك نحن في المنصورة أحد المحافظات فيها قرية أو قريتين انتشر فيها التشيع، والمنصورة هذه بلدي، وفيها الكثير من أصحابي أيام الجامعة، وقد ذهبت إليهم ووجدتهم متشيعين، فقالوا لي: والله يا أبا الأشبال! لقد خالفتنا.

فقلت لهم: أنا لم أخالفكم، فأنتم الذين خالفتموني، فقد كنا معاً في المعتقد والمنهج.

ثم قالوا لي: مع هذا نحن نحبك وأنت غير الناس.

فقلت لهم: لا بأس، فهم يريدون أن يثبتوا أنه ليس هناك فرق بيننا وبينهم، وأنهم أناس مؤدبون ويحترمون المخالف، فقلت لهم: سأخطب الجمعة في المسجد الفلاني، وأريد أن أراكم هناك، فهم أحبوا أن يدللوا أنهم أحسن مني، وأنني لا أصلي وراءهم، لكنهم يصلون ورائي، فأتوا، فذكرت الشيعة من أجل الكلام الذي قلناه قبل سنتين، واختصرناه وأجملناه ووقفنا ساعتين إلا ثلث في الخطبة، وهم جلوس، فوجدت أن الناس لم يعجبهم الكلام على التشيع، بينما هؤلاء يعرفون القضية كاملة، بل عامة الناس الفلاحين الجالسين يقولون: كيف تقول يا رجل! على الخميني هذا الكلام؟ إن الخميني هو المخلص، وانظر ماذا عمل مع سلمان رشدي؟ ليس هناك أحد من بني آدم تكلم بكلمة واحدة، ولا وضع مليوني دولار لمن يأتي برأس سلمان رشدي إلا الخميني! وهذا ابن عباس رضي الله عنه عندما سأله الخوارج فقالوا له: هل رأيت أعبد منا يا ابن عباس؟ قال: نعم.

النصارى أعبد منكم، فقد جلسوا في صوامعهم وانقطعوا للعبادة وتركوا الدنيا، ومع هذا كانوا كفاراً، فهل الأمر صحة وضعفاً، قبولاً ورداً يقاس بالعبادة أو يقاس بالعلم؟ الكلام في هذا كثير جداً.

قال: [لم تر دعوتهم انتشرت في عشرة من منابر الإسلام متوالية، ولا أمكن أن تكون كلمتهم بين المسلمين عالية، أو مقالتهم في الإسلام ظاهرة، بل كانت داحضة وضيعة مهجورة، وكلمة أهل السنة ظاهرة، ومذاهبهم كالشمس نائرة، ونصب الحق زاهرة، وأعلامها بالنصر مشهورة، وأعداؤها بالقمع مقهورة، ينطق بمفاخرها على أعواد المنابر، وتدون مناقبها في الكتب والدفاتر، وتستفتح بها الخطب وتختم، ويفصل بها بين الحق والباطل ويحكم، وتعقد عليها المجالس وتبرم، وتظهر على الكراسي وتدرس وتعلم، ومقالة أهل البدع لم تظهر إلا بسلطان قاهر].

لذا فإن من أعظم معالم أهل البدع: التقرب من الوالي حتى يصلوا إلى البلاط الملكي، وبالتالي تكون البلد كلها معهم، ولذلك أهل البدع دائماً متصفون بالنفاق، إذ البدعة والنفاق عندهم متلازمان، فتجد أهل البدع في أول النهار يقبل يد ورأس الوالي، ويقولون: أنت المخلص وأنت الزعيم وأنت كذا وكذا، ثم بعد ذلك يجلس بجوار الوالي أو السلطان، ويضع الحاكم نعله على رأسه، ويرفعه على كل من خالفه من أهل السنة؛ لأن الغالب في الطرفين الفجور وترك السنن، وأهل السنة يقفون في وجه السلاطين والحكام والملوك والأمراء الذين ابتعدوا عن كتاب الله وعن سنة رسوله.

ثم يقول لك: إن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بأهل السنة أعدائي، بينما هؤلاء أحبائي، ولسان حال السلطان: أتريد أن تجعل الرجل الذي يشتمني على المنبر مثل رجل كل يوم يقبل رأسي ويقبل حذائي؟ لابد أن يكون رجلاً محترماً مثل هذا الذي يقبل الرأس.

ويقول: وهذا السني لم يعرف قيمتي، مع أنه لا يعمل ذلك حباً في الحاكم، وإنما يعمل ذلك حباً في نفع بدعته.

فيأتي إليه ويقول: يا سعادة الباشا! والله نحن عندنا مسألة ونريد من حضرتك أن تتبناها؛ لأنك خير من يتبناها.

فيقول الحاكم: وما هذه المسألة؟ فيقولون: القول بخلق القرآن، فالقرآن شيء، وربنا خالق كل شيء، فيقول الحاكم: ومن يخالفك في ذلك؟ فيقولون: المبتدع فلان وفلان، مثل: أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.

فيقول الحاكم: ائتوا به.

فيسأله الحاكم: ماذا تقول في القرآن؟ فيقول الإمام: أنا أقول: إن