عن عمر بن عبد العزيز أنه قال:[إن الله لو كلف العباد العمل على قدر عظمته لما قامت لذلك سماء ولا أرض ولا جبل ولا شيء من الأشياء، ولكن أخذ منهم اليسر].
قال تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الأنعام:٩١]، فلا يستطيع أحد أن يؤدي لله حقاً، فلو أن أحدنا سجد سجدة لله طيلة عمره من أول التكليف والتمييز حتى قبض هل أدى حق الله عز وجل؟
الجواب
لا، بل لم يؤد نعمة واحدة من نعم الله عز وجل عليه، ولكن الله رضي منا بالشيء اليسير، فقد فرض علينا خمس صلوات وأعطانا فضلاً منه أجر خمسين صلاة، وهذا فضل عظيم جداً.
قال:[إن الله لو كلف العباد العمل على قدر عظمته -أي: على قدر قدره ومكانته سبحانه وتعالى- لما قامت لذلك سماء -وما قدرت على ذلك- ولا أرض ولا جبل ولا شيء من الأشياء، ولكن أخذ منهم اليسر، ولو أراد ألا يعصى لم يخلق إبليس رأس المعصية].
فإبليس هو رأس الشر، فلو لم يخلق الله إبليس هل ستكون في الأرض معصية؟ لا يمكن.
لأن مصدر كل معصية هو إبليس، فإذا كان الله تعالى لم يخلق إبليس لم يكن هناك معصية، بل كان جميع الخلق مؤمنين موحدين، لا يعرفون طريق المعصية كالملائكة تماماً:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦] ولكن الله تعالى حينما علم أن عباده سيفعلون المعصية جعل لهم سبباً في ذلك وهو خلق إبليس، ولكنه عرفهم بأنه عدوهم وحذرهم من اتباعه، ولكن العباد تركوا هذا التحذير ووقعوا في حبائل الشيطان.
قال:[عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى ابن له كتاباً فكان فيما كتب فيه: إني أسأل الله الذي بيده القلوب يصنع فيها ما شاء من هدى وضلالة] إلى آخر الكلام.
إذاً: يقول: أنا أسأل الله تعالى الذي بيده القلوب، كما في قوله عليه الصلاة والسلام:(قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء).
يعني: يجعلها كافرة، يجعلها مؤمنة، يجعلها طائعة، يجعلها عاصية، له سبحانه وتعالى في قلوب عباده ما يشاء؛ لأننا ملك له سبحانه وتعالى، كما أن الهداية والإضلال ملك لله عز وجل، فكذلك العباد وقلوبهم ملك لله عز وجل، ومعلوم أن المالك يصنع في ملكه ما يشاء سبحانه وتعالى.