[معنى قوله تعالى: (قل كل من عند الله)]
[قال تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء:٧٨]، قال ابن عباس: أي: أن الخير والشر من الله عز وجل].
أي: أن الحسنة والسيئة من عند الله، فأما الحسنة فأنعم الله بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها.
وليس من اللازم أن تكون السيئة عقوبة من الله عز وجل، فربما تكون السيئة منحة من الله عز وجل لك ليرفع بها درجاتك، أو يكفر بها سيئاتك، فالمرض بلية من البلايا، وهو شر في نظر العبد، ولكن الله عز وجل يبتلي العبد بالمرض حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليبتلى حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة)، وحتى الأنبياء، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (أشد الناس بلاء الأنبياء)، ولم يكن ذلك لمعصية عملوها، ولكن ليرفع الله عز وجل بها الدرجات، وأما في حق بقية العباد فإنه يرفع بها الدرجات، أو يحط عنهم السيئات.
فإما أن تكون منحة ومكافأة من الله عز وجل لمحو الخطايا والذنوب، وإما أن تكون منحة لرفع الدرجات.
[قال ابن عباس: الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم الله بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها].
[وعن ابن عباس في قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء:٧٩].
قال: هو يوم أحد -أي: أن هذا خطاب موجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام يتعلق بما وقع على المسلمين من بلاء في يوم أحد- ما فتحت لك من خير فمني، وما كانت من بلية فبذنبك].
أي: أن الله عز وجل هو الذي فتح عليك أبواب الخير، وأما ما وقع عليكم من بلاء فبذنبك [وأنا قدرت ذلك عليك] أي أنا أعلمه أزلاً وكتبته في القدر أنه سيقع وسيكون بسبب معصية، وبسبب ذنب، وإن لم يكن هو المذنب عليه الصلاة والسلام، فبعض أصحابه هم الذين خالفوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، ونزلوا لجمع الغنائم؛ ظناً منهم أن الحرب قد وضعت أوزارها، ولم تضع الحرب أوزارها بعد، بل استدار خالد بن الوليد رضي الله عنه -وكان في ذلك الوقت مشركاً، وكان على رأس جيش قريش- وصعد الجبل وكان ما كان في أواخر هذه المعركة.
فالذي وقع من بلاء على النبي عليه الصلاة والسلام وعلى أصحابه في يوم أحد إنما كان في آخر الغزوة بعد مخالفة أمره عليه الصلاة والسلام، وأما قبل مخالفة الأمر فقد كان نصراً مبيناً.
[وعن: أبي صالح في هذه الآية قال: بذنبك، وأنا قدرتها عليك].
أي أنا قد كتبت عليك في اللوح المحفوظ أن هذا سيكون، فهو واقع لا محالة.
[وعن طاوس عن أبيه: ((وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ))، وأنا قدرتها عليك].