الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
مواصلة لما بدأناه من شرح كتاب أصول الاعتقاد للإمام اللالكائي رحمه الله، نقول: إن الباب الذي وقفنا عليه باب في غاية الأهمية، وإن كان الكتاب كله في غاية الأهمية، لكن هذا الباب قد ذكر فيه الإمام جملاً من عقائد بعض أئمة أهل السنة، فلا أقول: إن ما ورد في عقيدة كل إمام هو مسند اعتقاد أهل السنة، وإنما مجموع ما ورد من اعتقاد في تراجم جميع الأئمة يمثل العقيدة الإسلامية لأهل السنة والجماعة، فقد ذكر الإمام هنا عقيدة الثوري، وفيها: أن شعيب بن حرب التقى بـ سفيان الثوري فقال له: [(حدثني بحديث من السنة ينفعني الله به، فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى وسألني عنه، فقال لي: من أين أخذت هذا؟ قلت: يا رب! حدثني بهذا الحديث سفيان بن سعيد الثوري وأخذته عنه، فأنجو أنا وتؤاخذ أنت)].
يعني: يحاسبك الله تعالى عليها.
[فقال] أي: سفيان الثوري وهو إمام أهل الكوفة، وكان معروفاً بأمير المؤمنين في الحديث، وهو ناصر السنة وقامع البدعة في منطقة الكوفة وما حولها، وكان صاحب مدرسة الأثر، وكان الإمام أبو حنيفة على رأس مدرسة الرأي، رحم الله الجميع.
فـ سفيان كان معروفاً بالأثر، وكان معروفاً بالتمسك بالسنة في كل كبيرة وصغيرة، فلما سأله شعيب بن حرب قال له: [(يا شعيب!) هذا توكيد وأي توكيد! اكتب] أي: اكتب ما سأمليه عليك، فإنه اعتقاد أهل السنة، ونحن الآن لو قلنا لطالب من طلاب العلم الموجودين: قم فأمل علينا عقيدتك، فنحن نريد أن نتعلم العقيدة الصحيحة قم وأخبرنا بعقيدتك التي أخذتها عن أهل السنة والجماعة، فربما يتكلم المرء بمسألة أو مسألتين ثم يتوقف؛ لأنه لم يخطر على باله أن يأخذ عقيدته مسألة مسألة، أما حينما يسأل إمام من أئمة الهدى عن هذه العقيدة فيختلف الأمر.