القاعدة الرابعة: الترابط بين الذات والصفات؛ لأنها ذات واحدة للمولى تبارك وتعالى متصفة بصفات كشأن أي ذات، فليس هناك شيء في المخلوقات ليس له صفات، فهذا المنبر هل له صفات؟ نعم.
له صفات؛ فهو مرتفع عن الأرض، عريض، طويل، بني اللون، له كرسي يجلس عليه الإمام، وغير ذلك من الصفات، وكذلك هذا الكتاب له ذات ومتصف بصفات، فله طول وعرض، وله عمق، كما أنه أخضر اللون وبداخله ورق أبيض، فكل هذه صفات إذا ذكرتها لك فمعنى ذلك: أنني قد حددت هذه الذات بصفاتها، فهل يمكن أن أقول: هناك كتاب لا صفة له؟ لا يمكن أبداً، إذ كيف يكون كتاباً؟ ومن الذي سماه كتاباً إذا كان معدوم الصفات؟ فإن الذي ليس له صفة هو العدم؛ لأنه لا يمكن أبداً القول بأنه موجود.
فذات المولى تبارك وتعالى متصفة بصفات، فإذا كنت تقر أن ذات المولى تبارك وتعالى موجودة فلا بد أن تنسب الصفات لهذه الذات، وفي نفس الوقت أنت لا تعلم هذه الذات، وبالتالي لا تعلم كيفية صفات المولى تبارك وتعالى.
فالقول في الصفات كالقول في الذات، والقول في الذات كالقول في الصفات، فإذا كنت تقول: الذات موجودة فلابد أن تقول: الصفات موجودة، وإذا نفيت -عياذاً بالله- الذات فلابد أن تنفي كذلك الصفات؛ لأن الذات لا بد لها من صفات.
وهذا الكلام يرد به على المعتزلة الذين أثبتوا الذات ونفوا الصفات، فجعلوا المولى تبارك وتعالى في نهاية الأمر أنه ذات بغير صفات، وهذا محال في العقل وفي الشرع.
كما أن الأشعرية أثبتوا للمولى تبارك وتعالى سبع صفات فقط، ونفوا عنه بقية الصفات؛ ولذلك أهل العلم يقولون عن الأشعرية: السبعية؛ لأنهم يثبتون سبع صفات وينفون بقية الصفات.
والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فإذا أثبت لله بعض الصفات فلابد أن تثبت البعض الآخر التي أثبتها لنفسه أو أثبتها له رسوله، وإذا كنت تكيف بعض الصفات فلابد أن تكيف البعض الآخر، والتكييف باطل.
فالقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر يرد به على الأشعرية الذين أثبتوا لله سبع صفات فقط ونفوا عنه بقية الصفات الثابتة في الكتاب والسنة.