[مخالفة المرجئة لأهل السنة في زيادة الإيمان ونقصانه]
قوله تعالى:{قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤] لا يعني أنهم كفار، بل المسلم معه أصل الإيمان، ولا يتصور إسلام بلا إيمان، وهذه شبهة من قال: الإيمان هو التصديق، والتصديق محله القلب وليس الجوارح، فقالوا: الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنه لا يتصور على تعريفنا للإيمان بأنه التصديق أن يكفر بهذا، لأن المصدق للخبر إذا نقص تصديقه نقص إلى العدم، فكأن المصدق للإسلام والإيمان إذا نقص تصديقه فقد ذهب إيمانه، ولذلك الإيمان عند المرجئة لا يزيد، كما أنه غير قابل للنقصان؛ لأنه إذا نقص يكفر صاحبه كما قالوا، فهم يقولون: الإيمان هو التصديق، وأما أهل السنة والجماعة فالإيمان عندهم ليس هو التصديق فحسب؛ لأن التصديق عند أهل السنة يعني أصل الإيمان الذي لا يثبت إسلام العبد إلا به، ولكن كمال الإيمان وتمامه باب آخر عند أهل السنة والجماعة، وله تعليق آخر عند أهل السنة والجماعة.
وليس معنى ذلك أن أهل السنة لا يقولون بأن الإيمان هو التصديق، بل يقولون: بأن الإيمان هو التصديق والزيادة.
فالتصديق عند أهل السنة يعني التصديق بالشهادتين، وهو: استقرار أصل الإيمان في القلب.
والجوارح لها عمل، والقلب له عمل، وعمله: المحبة والرضاء والتصديق والإيمان، وكل هذه أعمال قلبية، فالقلب له عمل كما أن الجوارح لها عمل، ولكن عمل القلب أصل في الإيمان، وأما عمل الجوارح فهو من مكملات ومتممات الإيمان، ومن أسباب كماله وزيادته، وبعض أعمال الجوارح أصل في الإيمان.