[خير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام]
قال: [وخير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان] كما ورد ذلك عند البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر: كنا نخير بين أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فنختار أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم يأتي من بعدهم علي بن أبي طالب.
قال: [نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في ذلك.
ثم من بعد هؤلاء الثلاثة: أصحاب الشورى الخمسة: علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص كلهم يصلح للخلافة، وكلهم إمام.
ونذهب إلى حديث ابن عمر -في التفاضل-: كنا نعد -ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأصحابه متوافرون- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت.
ثم من بعد أصحاب الشورى: أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، على قدر الهجرة والسابقة، أولاً فأولا.
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرن الذي بعث فيهم.
كل من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه، وسمع منه، ونظر إليه نظرة.
فأدنهم صحبة -أي: أدنى الصحابة، ولو بمجرد النظر فقط إلى وجه النبي عليه الصلاة والسلام تثبت به الصحبة- هو أفضل من القرن الذين لم يروه ولو لقوا الله بجميع الأعمال].
لأن صحابياً واحداً أفضل من القرن الذي يأتي من بعده، مع أن هناك فرقاً بين الأفضلية وبين العلم، فالصحابة أفضل من غيرهم من سائر الأمة، وهذا بالاتفاق، لكن فيهم من لم يطلب العلم، وغير الصحابة بلغوا ذروة العلم.
إذاً هناك في الأمة من هو أعلم من كثير من الصحابة، لكن من ثبتت له الصحبة فهو أفضل من هذا العالم وغيره ممن لم تثبت له الصحبة، ولا أقول: أعلم من كل الصحابة؛ لأن الصحابة كان فيهم أوتاد في العلم، إذ الواحد فيهم يربي أمة بأسرها، ولو كان ذلك بلحظه دون لفظه، وخير مثال على ذلك: القضايا العظيمة التي كانت تطرح على أبي بكر وعمر، فكان يحلها أحدهم بكلمتين أو ثلاث كلمات، بينما نحن قد نجلس نأخذ ونعطي فيها إلى يوم القيامة ولا نجد لها حلاً، فمثلاً: لو كانت قضية فلسطين هذه موجودة في زمن أبي بكر أو في زمن عمر لكانت حلت في وقتها، ولم يكن لها ظل، ونحن نعرف كيف فتحها عمر، لا سلام ولا أمان، ولا صحبة، ولا صداقة، ولا ديمقراطية، كل هذا الكلام كذب وخداع لهذه الأمم والشعوب الإسلامية، وهذا الكلام لن ينطوي أبداً على أبي بكر وعمر؛ لأن القرآن أخبره أن اليهود والنصارى لن ترضى عنه وعن المسلمين، فقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠].
أي: لا بد أن تكون يهودياً مثلهم، ولا بد أن تكون نصرانياً مثلهم، حتى يرضوا عنك.