للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم زواج المسيحي من المسلمة والعكس، وحكم تحدث الخطيب عن التبرعات في الخطبة]

السؤال

هل من الممكن تزوج مسلمة من مسيحي، فالمسيحي يقول: إني أريد أن أسلم؟ فالرجاء الإفادة، وهل يجوز للخطيب في الجمعة أن يتحدث عن التبرعات؟

الجواب

على أية حال.

يجوز أن يتحدث الخطيب عن التبرعات ويحث الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحث أصحابه على الصدقة، لكن السؤال الأول وهو البلية العظيمة جداً وكنت أظن أن ذلك معلوم من الدين بالضرورة: أن المسلمة لا تكون تحت كافر قط، والعكس صحيح: أن الكافرة من اليهودية أو النصرانية وأصحاب الكتاب تكون تحت مسلم بشرط أن تكون محصنة حرة عفيفة غير زانية ولا مشركة، كأن تقول: عيسى هو الله أو ابن الله أو أن عزيراً ابن الله أو غير ذلك، فإن هذه مشركة وإن كانت من أهل الكتاب؛ فلا يجوز الزواج منها؛ لأن بعض الناس يتصور أن الزواج بالمسيحية أمر على إطلاقه، وليس الأمر كذلك، إنما الأمر مشروط بألا تكون مشركة، وأن تكون محصنة حرة عفيفة ليست زانية ولا باغية، وأن تكون السيادة في البيت للزوج، وأن يلحق الأولاد به لا بها عند الفراق أو عند استدامة الحياة بينهما.

فبهذه الشروط يجوز نكاح الرجل المسلم من المرأة الكافرة الكتابية، أما نكاح المسلمة من الكافر فإنه لا يجوز البتة، ولم يجوزه إلا ضلال الفرق المنحرفة الذين جوزوا مع هذا زواج الأب من ابنته وزواج البنت من أبيها وزواج الأخ من أخته والأخت من أخيها، فإنهم وقعوا في مثل هذا كله، وبالمناسبة قالوا بجواز زواج المسلمة من كافر، فإن هذا أمر لا عبرة به؛ لأن الخلاف هنا غير معتبر.

إن النصارى قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ليسوا كلهم يقولون: إن عيسى ابن الله ولا أنه الله، فإن جلَّ النصارى من قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يقولون: إن عيسى رسول الله، وبعضهم يقول: ابن الله، والبعض يقول: هو الله، يقولون بالتثليث والتثنية، لكن ليس كل النصارى في زمن النبي عليه الصلاة والسلام يقولون هذا؛ ولذلك لو رجعت إلى كتاب بدء الوحي في صحيح البخاري وهو أول كتاب في الصحيح في شرح حديث أبي سفيان صخر بن حرب لما لقي هرقل الروم، لعرفت أن هرقل اختلف أهل العلم فيه: هل آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام أو لم يؤمن؟ والراجح: أنه لم يؤمن، بدليل أنه حارب النبي عليه الصلاة والسلام وحاربه النبي عليه الصلاة والسلام في أرض الشام، ولو كان مسلماً لما حارب النبي عليه الصلاة والسلام.

وهناك أدلة كثيرة تشهد بأن هرقل لم يدخل في الإسلام، وإن كانت بعض الروايات أثبتت إسلامه، ولكن أقوى الروايات لم تثبت إسلامه.

الشاهد في هذا: أن هرقل كان نصرانياً، ومع هذا أثنى عليه النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث، وأنه من أهل الكتاب، وكان مع هرقل من يقول بهذه الأقوال الثلاثة: أن عيسى ابن الله، وأنه هو الله، وأنه نبي الله.

فأنا أقول: إن النصراني يكون أحياناً معه نوع شرك فيما يتعلق بإثبات البنوة أو الألوهية لعيسى، وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك فإنه يبقى على أصل كفره من أهل الكتاب.

وهذا عند الإطلاق، فأهل الكتاب في كتاب الله وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يطلق على من يقول: إن عيسى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان كافراً.