للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الذهاب إلى أمريكا للعمل]

السؤال

عرض علي السفر إلى أمريكا للعمل أكثر من مرة ورفضت ذلك، فما قولكم في السفر هناك للعمل، خاصة وأن من يذهبون يعملون في مجالات تخدم القوم، وتعينهم على التفوق في مجالات الكمبيوتر والتكنولوجيا؟

الجواب

على أية حال أظن أن بلادنا -والحمد لله- فيها من التقدم التكنولوجي وفي عالم الكمبيوتر وغيره الشيء الذي يغنينا ويسد الحاجة، لكن إذا أردت أن تذهب هناك كرحلة علمية فأهلاً وسهلاً بشرط أن تصحب معك امرأتك، أو ألا تغيب عنها أكثر من أربعة أشهر لحاجتك إليها وحاجتها إليك، فإن عمر وابنته حفصة رضي الله عنهما قد حددا أقصى مدة يمكن أن تحتملها المرأة في غياب زوجها، وهي أربعة أشهر؛ ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقسم الجيش أقساماً فلا يزيد قسم عن أربعة أشهر حتى يأذن لهم بالرجوع إلى زوجاتهم في المدينة، لكن لابد أن تعلم أن الذهاب إلى بلاد الكفر عموماً أمر منكر في الشرع، والنبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في سنن أبي داود قال: (أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين)، فهذا الحديث فيه ترهيب ووعيد شديد لمن يذهب إلى هناك بغير حاجة ولا ضرورة ولا مصلحة شرعية، إن الدعاة يذهبون هناك من أجل الدعوة، وهذا أمر قد كلفنا الله عز وجل به، أما أن تذهب إلى هناك لترى المومسات فهذا هو الإجرام، كما أنك حين تذهب إلى هناك، يحصل لك تمييع لعقيدتك، فالأرض غالباً تلعب مع أصحابها، فالأرض هناك تلعب مع الكفر، وإنك إذا نظرت فوق وتحت وفي جميع الجوانب لا تجد إلا كفراً بواحاً، وعندما تذهب إلى هناك ستجد صعوبة في كل شيء، ولو أردت أن تكون متمسكاً بدينك فإنك تجد صعوبة في ذلك.

وأذكر أنني لما ذهبت إلى هناك قلت لهم: إنني مقاطع للحم الذي في هذا البلد نهائياً، فمعذرة أريد سمكاً، فقالوا لي: إنهم يشوونه بشحم الخنزير، وما قيل لي هذا الكلام إلا بعد أن أكلت سمكاً حتى شبعت، وعندما سافرت إلى منطقة اسمها (بورتلاند) في غرب أمريكا أحضروا لي لحماً، فقلت لهم: الأصل في لحوم هذه البلاد التحري، فقالوا: يا شيخ! إننا ذبحنا هذا في إحدى رحلات الصيد، فقلت: إذن لا مشكلة نأكله، فلابد في كل مرة أن تسأل وتتحرى، فقلت: ألا تخلصوننا من هذا القلق وتعطونا سمكاً ويكفي، فقالوا: من أين نأتي لك بسمك، فإنه من الممنوع أن نشوي في البيوت.

وفي المقابل المركز الذي نزلت فيه قلت للطباخ: بالله عليك أتقلي السمك في شحم خنزير أو في زيت؟ قال لي: الذي يريد في زيت أقلي له في زيت، والذي يريد في شحم أقلي له في شحم.

فقلت: السمك الذي وصلني وأنا في المركب أستحلفك بالله بماذا قليته؟ قال لي: والله مرة هكذا ومرة هكذا! فدعوت عليه، لأنه من المفروض حتى وإن قيل له: أنا أريد سمكاً بشحم خنزير أن يقول: لا، وينكر عليه، فضلاً عن أنه لا يحل لك أن تستخدم شحم الخنزير في محلك أبداً، وغضبت غضباً شديداً، ونهرت هذا الأخ، مع أن كان يصلي معنا كل فرض، وكان أحياناً يذهب بعد صلاة الفجر ويأتينا إلينا بالحليب وغير ذلك من وجبات الإفطار، فلما سألته عن سبب فعله لهذا الشيء قال: يا شيخ! هذه طبيعة الحياة هنا، هذه طبيعة الحياة هنا!! وعندما رجعت إلى مصر وسألت الإخوة في السويس عن هذا الرجل وقصصت عليهم قصته، فقالوا: هذا كان من الدعاة هنا، وإيرادي لهذه القصة من أجل أن أثبت لك أنك إذا ذهبت إلى هناك تتأثر، فهو مطلوب منه هناك أن يسدد ألفي دولار شهرياً للمحل، وألف دولار للسكن، وألفي دولار آخرين للطعام والشراب، يعني: خمسة آلاف دولار شهرياً من أين يأتي بها؟ فلابد أن يتجاوز دائرة الحل إلى الحرمة، وأنت يا أخي! من الذي أكرهك على ذلك؟ لماذا يا أخي! لا تأتي إلى بلادك وتأكل من تحت رجليك، وفي بلدك اليوم الذي لا تجد فيه فولاً وطعمية خذ تراباً من تحت رجليك، وما أظن أن أحداً في هذا الزمان يبيت جائعاً لا في بلاد المسلمين ولا في بلاد الكفار.

فالشاهد: أنني أنصح دائماً بعدم الذهاب إلى بلاد الكفار عامة وبخاصة أمريكا، وأنا قد تكلمت وشتمت ولعنت أمريكا والذي يريد أمريكا في هذا المسجد وفي غيره مرات ومرات، وقلت: إن الذين يذهبون إلى هناك يصعب عليهم جداً أن يتمسكوا بدينهم، فضلاً عن أنهم ضعفاء أصلاً قبل ذهابهم، فأنت لن تسافر من هنا وأنت ابن تيمية أو أحمد بن حنبل، إنك ستسافر من هنا بضعف إيمانك وهزالته، فتذهب إلى هناك، فيكون ضعفاً على ضعف على كفر على فجور على مجون، وستلقى نفسك بعد سنة ضائعاً تائهاً.

وقد أساء بي الظن بعض المستمعين، وظنوا أني أرد على بعض إخواني كالشيخ محمد حسان والشيخ عمر بن عبد العزيز القرشي وغيرهم من الإخوة الأفاضل الطيبين، والله ما قصدت الرد على هؤلاء، بل قبل أن أذكر هذا وقبل أن أنقم على أمريكا وعلى من يريد أن يذهب إلى أمريكا، تحدثت مع أخي محمد حسان ومع الشيخ عمر بن عبد العزيز، وقلت: يا إخواني! الذي ذكرتموه على سبيل المدح