للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قول الكرمي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا]

ويقول مرعي الحنبلي الكرمي: اختلف العلماء: هل رأى محمد عليه الصلاة والسلام ربه بعين رأسه أو بعين قلبه، فمذهب ابن عباس وطائفة أنه رآه بعين رأسه، وإلى هذا ذهب أبو الحسن الأشعري ومن وافقه.

وكذلك أبو الحسن الأشعري لم يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين رأسه.

ومذهب عائشة رضي الله عنها أنه لم يره بعين رأسه؛ لحديث أبي ذر: (نور أنى أراه؟)، وعلى هذا طائفة من العلماء، ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: قد تدبرنا عامة ما صنفه المسلمون في هذه المسألة، وما تلقوه فيها قريباً من مائة مصنف، فلم أجد أحداً يروي بإسناد ثابت ولا صحيح، بل ولا عن صاحب ولا عن إمام أنه رآه بعين رأسه.

قال: فالواجب اتباع ما كان عليه السلف والأئمة وهو إثبات مطلق الرؤية، أو رؤية مقيدة بالفؤاد، ولم يثبت عن الإمام أحمد التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام رأى ربه بعيني رأسه.

نحن قلنا: إن فيه ثلاث روايات عن أحمد: رأى ربه بعيني رأسه، رأى ربه بفؤاده، رأى ربه، ولكن رواية إثبات الرؤية بعين رأسه غير ثابتة -يعني: غير صحيحة- وحكى النقاش عن أحمد بن حنبل أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس: بعينه رآه رآه رآه رآه حتى انقطع نفسه.

لكن ابن تيمية أعلم بنقول أحمد، فـ ابن تيمية نخل وغربل مذهب أحمد بن حنبل، بل والمذهب الحنبلي كله، بل ومذاهب أهل العلم، فكيف يقدم كلام النقاش على كلام ابن تيمية الذي هو من أهل بيت أحمد بن حنبل، يعني: من أهل بيت علمه وفقهه؟! يقول: وأحمد أجل من أن يكون عنده من عدم السكينة ما يتكلم بمثل هذا حتى ينقطع نفسه، إنما هي حكايات المجازفين في النقول عن الأئمة، فتأمل وصاحب البيت أدرى، وكم للناس من مجازفات في المنقول والمعقول، والمرجع في ذلك إنما هو لأقوال المحققين والعلماء الراسخين والأئمة الربانيين كـ ابن تيمية وغيره.