[حكم أداء الصلوات أو أغلبها في البيت]
السؤال
يقول: إن لي أباً يصلي الصلوات أغلبها في البيت، وأنصحه مرة بعد أخرى، ولكنه يستمر في ذلك، فهل علي وزر إن تركت نصيحته في بعض الأحيان، فإنه يترك الصلاة في المسجد مع قدرته؟
الجواب
على أية حال هذا أمر يهون كثيراً عمن ترك الصلاة بالكلية، فإن الذي نعتقد من خلال الأدلة الواردة في الجماعة أن الجماعة سنة مؤكدة، وأذهب إلى عدم الوجوب، ولكن ليس معنى أن الجماعة سنة مؤكدة: أن يتركها المرء، فإن الجمهور الذين قالوا بأن الجماعة سنة مؤكدة لم يثبت أنهم تركوها مرة، ولكن من حيث ترتيب الحكم الشرعي هي ليست واجبة.
وهذه المسألة نحن ذكرناها هنا في محاضرة كاملة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، وذكرنا فيها أربعة مذاهب لأهل العلم، وترجح لدينا في ذلك الوقت ما لم يكن راجحاً لدينا في قلوبنا؛ لأننا رجحنا في المحاضرة الوجوب.
قلنا: إن الذي يترجح لدينا هو الوجوب؛ لما نرى من تفريط الناس وتفريط الإخوة في حضور الجماعة.
فكل يرجح من باب المصلحة هذا الحكم، مع أن الذي كان يستقر في نفسي أنه ليس براجح، لكن دعت المصلحة الشرعية للمستمعين أن ألقيها بين ظهرانيهم وأنها واجبة.
فلذلك لما اضطررت إلى ذكر ما أعتقد في القضية صراحة قلت: هي سنة مؤكدة.
ولما سمعها مني من سمع تخلف عن الجماعة على اعتبار أنها سنة، ولا يأثم بتركها، وأنا في الحقيقة لم أندم على تصريحي بأنها سنة مؤكدة؛ لأن الذي يريد أن يفوت عن نفسه الخير لا تأس عليه ولا تحزن؛ لأن الخير بيد المرء أن يأخذ سبعاً وعشرين درجة في كل صلاة، ما بين الدرجة والدرجة مسيرة خمسمائة عام في الجنة.
فالذي يريد أن يفوت هذا الخير على نفسه فأنا على يقين من أنه لن يفوت جنيهاً إذا دعي في الميكرفون: إن الإمام يوزع جنيهاً لكل من أتى المسجد، فأنا أؤكد أن النصارى سيأتون إلى الصلاة.
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولو دعي إلى مرماتين عظيمتين لأتاهما ولو حبواً).
يعني: لو نادى المنادي: إننا سنوزع عظماً ليس لحماً، فإنك ستجد النساء والأطفال والرجال كلهم قد أتوا إلى المسجد، كل طوائف المجتمع جاءت المسجد من أجل أن تأخذ العظم! فما بالهم لا يفقهون أن صلاة الجماعة لها ثواب ودرجات في الجنة؟! لكن سبحان الله! لا يعقل هذا الفضل إلا العالمون، ويغفل عنه الغافلون، بل إن الله تبارك وتعالى يطمس على قلوبهم فلا يعقلون هذا الفضل؛ لأنهم لا يستحقونه، أما من تخلف عن الجماعة بعذر فلا شيء عليه، ومتى صلى فصلاته صحيحة.