[منهج السلف في الأخذ بالسنة وترك البدعة]
قال: [قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق بكتاب الله، واستكمالاً لفرائض الله، وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله تعالى ما تولى].
قال: [قال أبو الدرداء: لن تضل ما أخذت بالأثر].
يعني: كلما أخذت بالأثر فأنت بعيد كل البعد عن الضلال.
قال: [يقول أبو الأسود: إن استطعت ألا تحك قفاك -وفي رواية: جلدك- إلا بأثر فافعل].
يريد أن يخبرك بأن حركاتك وسكناتك كلها لابد أن تكون منضبطة على كتاب الله وعلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يشهد له قوله عليه الصلاة والسلام: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي).
قال: [قال ابن عباس: من أقر باسم من هذه الأسماء المحدثة -أي: المبتدعة- فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه].
قال: [قال معاوية لـ ابن عباس: أأنت على ملة علي؟ قال ابن عباس: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة محمد عليه الصلاة والسلام.
أرأيتم إلى هذا الكلام الجميل.
يعني: معاوية يريد أن يقول له: أنت معي أم مع علي؟ فقال له: أنت على ملة علي؟ فرد عليه فقال: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة محمد عليه الصلاة والسلام].
قال: [قال رجل لـ ابن عباس: الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم -يريد أن يلبس على ابن عباس - فقال ابن عباس: كل هوى ضلالة، إنما هو الأثر].
قال: [قال مالك بن أنس: قيل لرجل عند الموت: على أي دين تموت؟ فقال: أموت على دين أبي عمارة، وعلى ملة أبي عمارة -كأنه رجل كان مبتدعاً، وكان من أهل الأهواء- قال مالك: يدع المشئوم دين أبي القاسم ويموت على دين أبي عمارة؟!].
قال: [عن ابن سيرين قال: الرجل ما كان مع الأثر فهو على الطريق].
يعني: مادمت متمسكاً بالأثر فاعلم أنك على الصراط المستقيم، فإذا حدت عن الأثر لقول فلان وعلان ومذهب فلان أو فلتان فاعلم أنك ضللت ضلالاً بعيداً.
قال: [عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنة ذكر الله في نفسه فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها، فهي كذلك حتى أصابتها ريح شديدة فتحات ورقها -أي: فسقط ورقها- إلا حط الله عنه خطاياه كما تحات تلك الشجرة ورقها، وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة].
يعني: إن كان اجتهاد واقتصاد فليكن على منهاج الأنبياء وسنتهم.
قال: [كان أبو الأحوص يقول لنفسه: يا سلام! نم على سنة خير من أن تقوم على بدعة].
يعني: كن متبعاً للسنة خير لك من أن تكون رأساً في الشر ورأساً في البدعة.
وعن شريح أنه كان يقول: إنما أقتفي الأثر -يعني: أبتدع الأثر- فما وجدت قد سبقني به -يعني: الصدر الأول- حدثتكم به.
فهذا شريح ما كان يتكلم بكلمة إلا ولابد أن يكون له فيها سلف، حتى إذا قيل له: من أين لك هذا؟ قال: قال به فلان، أو سمعته من فلان، أو حدثني به فلان.
وعن إبراهيم النخعي قال: لو أن أصحاب محمد مسحوا على ظفر لما غسلته التماساً الفضل في اتباعهم، وإبراهيم النخعي إمام الكوفة وكان مجتهد الزمان في زمانه.
يعني: الأمر قد ورد في القرآن والسنة بغسل اليد، ولو أن السلف مسحوا على أظفارهم لما تجاوزت المسح؛ لأنهم أفهم لكلام الله وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، بل مسحت كما مسحوا اتباعاً، أو يقول: التماساً للفضل في اتباع سلف الأمة، وهذا كلام جميل جداً.
قال: [يقول الشعبي: نزل المسح من السماء].
يعني: نزل المسح على النعلين والخفين والجوربين من السماء.
قال: [عن الشعبي قال: المسح على الخفين أفضل من الغسل؛ لأن المسح سنة والسنة أفضل].
وأنتم تعلمون أن مسألة المسح على الخفين من مسائل الأحكام، وقد وردت في كتب الاعتقاد؛ لأنها أنكرت عند بعض فرق الضلال، وهم الشيعة الرافضة، فلما كانت هذه علامة على دين الرافضة وأنهم ينكرون المسح على النعلين والخفين والجوربين قام أهل السنة بإظهار هذه السنة، فكانت من مسائل الأحكام العملية من جهة، ومن مسائل الاعتقاد من جهة أخرى.
ولذلك يخطئ من يظن أن الكتب المصنفة في العقيدة إنما تحوي مسائل الاعتقاد كلها، وإنما غالب هذه المسائل التي جاءت في كتب الاعتقاد ما اعتنى بها من صنف فيها إلا لمخالفة غير أهل السنة والجماعة لأهل السنة والجماعة في هذه المسائل.
وبعبارة أخرى: عندما تقرأ العقيدة ا