[أثر علي رضي الله عنه في تفرق الأمة وأن شرها الداعية إليه]
وفي رواية عنه عن عبد الله بن قيس قال: [اجتمع عند علي رضي الله عنه جاثليتو النصارى ورأس الجالوت، فقال الرأس: أتجادلون؟ -أي: هل أنتم مستعدون للمجادلة؟ - على كم افترقت اليهود؟ قال: على إحدى وسبعين فرقة.
فقال علي رضي الله عنه: لتفترقن هذه الأمة على مثل ذلك، وأضلها فرقة وشرها الداعية إلينا].
وهذه شهادة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه يبين أن شر الفرق الشيعة.
قال: شرها الداعية إلينا أهل البيت، وآية ذلك -أي: وعلامة شرهم وأنهم أسوأ الخلق وأضلهم- أنهم يشتمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
وهذه غصة في حلوق الشيعة عليهم من الله ما يستحقون، والشيعة يحملون هذه النصوص التي يثني فيها علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر وعثمان على التقية، حتى حملوا نكاح عمر رضي الله عنه من ابنة علي رضي الله عنه على التقية كذلك، والتقية باختصار شديد هي الكذب؛ لأن الشيعة اعتقدت الكذب ديناً لها، بخلاف الخوارج فقد كانوا يكفرون بالمعصية؛ ولذلك احتمل النقاد رواية علماء الخوارج؛ لأنهم يعلمون أنهم لا يكذبون؛ لأن من كذب عندهم فقد ارتكب كبيرة وأصبح كافراً عندهم.
فالتقية هي: الكذب والحيلة والخداع والغش والتزوير والتمويه، وهذا هو دين الشيعة، فقد ورد في الصحيحين وغيرهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقدم أبا بكر وعمر على نفسه، بل ويقدم عثمان رضي الله عنهم أجمعين على نفسه.
وقال: من أتاني قد سب أبا بكر وعمر أقمت عليه حد المفتري، أو: من أتاني قد سب أبا بكر وعمر جلدته حد المفتري.
وهذه النصوص يقول عنها الشيعة: إن علياً ما قال ذلك إلا تقية، أي: مداراة ومماراة حتى يفلت من عقاب الطرف الآخر ومن عقاب الخصوم، يعني: يقولون: إن علياً قال ذلك نفاقاً، وهذا النفاق محمود وممدوح عندهم، وهو الخروج من الموقف بلباقة إذا أردنا أن نعبر بأسلوب العصر.
وعلي رضي الله عنه كان أفضل وأجل من ذلك بكثير، فقد كان رضي الله عنه يعلم قدر أبي بكر وعمر وعثمان وأنه بعدهم، ولذلك لما قيل لـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أي الصحابة أفضل؟ قال: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، قيل له: ثم من؟ قال: لا أدري، قيل له: ثم علي؟ فتبسم وقال: وما علي إلا رجل من المسلمين.
وهذا أدب عظيم جداً من علي بن أبي طالب.
ومعتقد أهل السنة والجماعة أن الأفضلية في الخلفاء الراشدين على نسقهم وترتيبهم في الخلافة، فـ أبو بكر رضي الله عنه هو أول الخلفاء الراشدين خلافة وفضلاً، ثم من بعده عمر، ثم من بعده عثمان، ثم من بعده علي رضي الله عنه، هذا معتقدنا في الخلفاء الراشدين من جهة الفضل والخلافة.
قال ابن بطة: [فقد ذكرت من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أخبر به من تفرق هذه الأمة ومضاهاتها في تفرقها اليهود والنصارى -يعني: أن هذه الأمة في تفرقها تشابه ما وقع من التفرق والاختلاف في أمة اليهود والنصارى- والأمم السالفة ما في بعضه كفاية لأهل الحق والرعاية]، يعني: أن الذي ذكرته يكفي في قيام الحجة وثبات المحجة لأهل الحق والرعاية.
قال: [فإن قال قائل: قد صح عندنا من كتاب ربنا ومن قول نبينا صلى الله عليه وسلم: إن الأمم الماضية من أهل الكتاب تفرقوا واختلفوا وكفر بعضهم بعضاً، ومثل ذلك قد حل بهذه الأمة حتى قد كثرت فيهم الأهواء -يعني: البدع- وأصحاب الآراء والمذاهب، وكل ذلك قد رأيناه وشاهدناه، فنريد أن نعرف هذه الفرقة المذمومة لنجتنبها، ونسأل مولانا الكريم أن يعصمنا منها، ويعيذنا مما حل بأهلها الذين استهوتهم الشياطين، فأصبحوا حيارى عن طريق الحق صادفين.
[قلت: فاعلم -رحمك الله- أن لهذه الفرق والمذاهب كلها أصولاً أربعة]، يعني: أنه يجيب على السؤال ويبين هذه الفرق الضالة؛ حتى نحذرها ولا نقع في براثينها، ويقول: لن أعرف لك كل فرقة بفروعها وأصولها، وإنما أذكر لك أصول البدع، وأن هذه البدع الأصلية تتفرع وتتشعب، فأينما وقفت على بدعة أصلية أو فرعية فاحذرها.
قال: [فاعلم رحمك الله أن لهذه الفرق -أي: الثنتين والسبعين فرقة والمذاهب كلها- أصولاً أربعة، فكلها عن الحق حائدة، والإسلام وأهله معاندة، وعن أربعة أصول يتفرقون، ومنها يتشعبون، وإليها يرجعون، ثم تتشعب بهم الطرق، فتأخذهم الأهواء وقبيح الآراء حتى يكونوا في التفرق إلى ما لا يحصى].