أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
إن الإيمان بالقدر ركن عظيم جداً من أركان الإيمان التي وردت في غير ما آية وفي غير ما حديث، ونصوص السنة قد اهتمت بإبراز هذا الركن من أركان الإيمان، وفي سؤال جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام قال:(ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره).
فمعظم الروايات أعقبت القدر بعد ذكر الإيمان فقال:(وأن تؤمن بالقدر)، والسياق يقول:(وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره)، فأفرده وقرنه بالإيمان، ولم يقل: أن تؤمن بالله، وأن تؤمن بالملائكة وأن تؤمن بالرسل، وإنما قال:(أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر)، وهذا يدل على مزيد عناية السنة بإبراز هذا الركن من أركان الإيمان؛ لأنه ركن مهم جداً.
ولذلك ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر) مع أنه لا يؤمن حتى يؤمن بالله، وحتى يؤمن بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، ولكن لما كان هذا الركن قد أخذ كلاماً كثيراً وطويلاً ولغطاً واختلاطاً في الجاهلية على ألسنة اليهود والنصارى والمجوس والفلاسفة وعبدة الأوثان قبل الإسلام؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام أفرده بالذكر وعناه بالاهتمام؛ ليدل على أهميته؛ وعلى أنه ركن عظيم وخطير من أركان الإيمان.