[ضرورة التفريق بين رؤساء الفرق والأتباع]
قال: [قال: سألت سفيان الثوري: أصلي خلف من يقول: الإيمان قول بلا عمل؟ قال: لا، ولا كرامة]، يعني: لا تصل خلفه.
وهذا محمول على الداعية، أو على الرءوس.
وقد سئل مرة عالم من علماء الحرم: هل الشيعة كفار أو مسلمون؟ وهذا السؤال وجيه جداً، وأوجه من ذلك أن يوجه لكل فرقة من فرق الضلالة، هل هي كافرة أو مسلمة؟ فأجاب الشيخ إجابة عظيمة جداً، فقال: تقصد الشيعة الذين ينظرون ويدعون ويكتبون ويؤلفون، أم تقصد الشيعة الذين يسيرون في الشوارع والطرقات؟ ولو قرأت في ترجمة علي بن أبي طالب أو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لوجدت أن شيخ الإسلام الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء يقول بعد أن تكلم في الفتنة بكلام لطيف جداً: وما ذنب من نشأ في الشام يحب يزيد؟ أو قال: ما ذنب من نشأ في الشام على رضاع حب يزيد وحب معاوية ولا يعرف الرأي الآخر، وهو ليس من أهل العلم والنظر؟ كما أنه كذلك ما ذنب من نشأ بالعراق على حب علي رضي الله عنه، ولا حظ له من العلم والبحث والنظر فدرس القضية من أولها إلى آخرها، وإنا لنحمد الله تعالى أنه لم يجعلنا من هؤلاء ولا من هؤلاء، فإننا نحب علياً ومعاوية ونواليهما ونترضى عنهما.
وهذا كلام جميل جداً، فهو يحمد الله أنه لم يكن من أهل هذا الفريق ولا من ذاك، ولكنه يلتمس العذر لمن نشأ من عامة الشعب الشامي أو من عامة الشعب العراقي، فهذا نشأ في حب معاوية وذاك نشأ في حب علي، وهما لا علم عندهما ولا فقه، ولو أخذت الآن طفلاً عمره سنتان ووضعته في بيئة نصرانية فبلا شك أنه سيكون نصرانياً، وربما تعصب للنصرانية؛ لأنه لم ير غيرها، ولو أتيت بطفل نصراني إلى بيئة المسلمين فنشأ بينهم فسيكون مسلماً، ولو نشأ بين إخوة داعين للسنة ومحبين لها فسينشأ معهم في مسجدهم محباً للسنة مدافعاً عنها، يغضب إذا انتهكت حرمة من حرماتها؛ لأنه نشأ على هذا.
وقد التقيت في أمريكا برجل كان من رءوس الشيعة في العراق، وكان قد أخذ على عاتقه دعوة الشيعة في مدينة دترويت، وهي أعظم مدينة في أمريكا تشيعاً، والذي يدخل في الإسلام من الأمريكان يدخل على مذهب الشيعة؛ لأن أحداً هناك لا يجرؤ أن يدعو إلى السنة مخافة بطش الشيعة في هذه البقعة من الأرض، فهم لهم شوكة ونجدة قوية جداً في هذا البلد، حتى إن الإخوة السلفيين يخافون أن يتكلموا، وبالمناسبة -والحر تكفيه الإشارة- الشيعة لا يسمحون لأحد بالكلام إلا لجماعة التبليغ، وهذا له مدلوله عندي.
فالشيعة يدعون في هذا المكان، والذي يدخل في الإسلام يدخله على مذهبهم، وهذا الأخ العراقي كان مشاركاً في الحرب الإيرانية العراقية والعراقية الكويتية، فأسر في بلاد الحجاز ومكث في بلاد الحجاز عامين، ثم خيروه بعد ذلك بين أن يرجع إلى بلاده أو يهاجر إلى أي بلد من بلاد المهجر؛ لأن السعودية أبت أن تبقي الأسرى بين أحضانها أكثر من ذلك، فاختار هذا الأخ السفر إلى بلد أوروبي آمن، فاختارت السعودية أن تذهب بهؤلاء إلى لندن وفرنسا وأمريكا، فكانت قرعة هذا في أمريكا، وفي أمريكا اختلط رغماً عنه بإخوة سلفيين، وظل يسمع منهم تقريباً على مدار عام وهو على تشيعه، وكانت له زوجة بالعراق وسبعة من الأبناء، فلما هداه الله عز وجل للسنة أنفق كل ماله على الهاتف مع امرأته وأولاده يدعوهم إلى السنة وإلى ترك التشيع، وحتى عهد قريب جداً لم يدخلوا، بل إنهم من أشد الناس حرباً على أبيهم، وحاربته المرأة مع أهلها وحاربه أهله؛ لأنه صبأ وخرج عن التشيع الذي هم فيه.
وقد أخبرني هذا الأخ أن بلاد العراق يكاد البيت لا يخلو من أصنام أهل البيت، فهم يصورون التماثيل لـ علي بن أبي طالب أو لـ محمد الباقر أو لـ موسى أو لـ جعفر الصادق أو غيرهم من أئمة الشيعة، حتى أبو الحسن العسكري مهديهم المنتظر، فيصورون هذه التماثيل ويتقربون إلى الله بعبادتها، كل في بيته.
ويقول: لا يخلو شارع ولا حارة ولا مسجد ربما من قبر من قبور أهل البيت.
وقال: يصعب جداً على رجل يعيش في العراق أن ينخلع من شيعيته.
ولا بد أن نعلم أن أصل العراق كان على السنة، والذي أدخل التشيع في العراق هي إيران، كما أنها تحاول جاهدة الآن إدخال التشيع في بلاد مصر.