قرأت في شرح الطحاوية أن صلة الرحم تزيد في العمر -أي: سبب طول العمر- فما معنى هذا؟
الجواب
هذا حديث صحيح، ومعناه: أن الله قدر أن هذا يصل رحمه فيعيش، وأن هذا سبب إلى وصوله هذه الغاية، ولو لم يعمل بالسبب لم يصل إلى هذه الغاية.
وهذا الحديث قد روي بطرق كثيرة، ومجموع هذه الطرق يرتقي بالحديث إلى درجة الصحيح لغيره.
وقد اختلف العلماء في معنى زيادة العمر مع أن الله تبارك وتعالى كتب العمر، ولن يتغير بزيادة ولا نقصان، والإمام ابن القيم عليه رحمة الله في كتاب (الداء والدواء) تعرض لشرح هذه القضية وفصلها تفصيلاً جيداً ونقل الاختلاف فيها: فقال: زيادة العمر هنا بمعنى البركة.
أي: بركة العمر، فمثلاً الإمام الشافعي مات وعمره أربع وخمسون سنة، وقد ذاع علمه في الأرض شرقاً وغرباً، وسيظل بإذن الله إلى قيام الساعة، فإذا نظرت إلى عمر هذا الرجل وذلك الميراث العظيم الذي ورثته عنه الأمة قلت: هذا إعجاز وأعجوبة من أعاجيب الزمان، وهناك من بلغ أربعاً وخمسين سنة ولا يعرف كيف يصلي ولا يصوم، وحينما تنظر إلى عمرك وعمر الشافعي تعلم أنه كان ممتلئاً بركة وأنت على غير ذلك.
قال: زيادة العمر هنا البركة في العمر التي قدرها الله عز وجل؛ لأن غيرك في نفس العمر، وليس هناك بركة في عمره ولا في عمله.
ومنهم من قال -وهو التفسير الأولى-: إن هذا هو المحو والإثبات في الكتب التي بأيدي الملائكة، وأما الذي لا يقبل المحو ولا الإثبات فهو اللوح المحفوظ المذكور في قول الله تبارك وتعالى:{يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[الرعد:٣٩].