للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من ذهب إلى كفر تارك الصلاة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وروي ذلك -يعني: كفر تارك الصلاة- عن الصحابة منهم عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وابن عباس وأبو الدرداء والبراء وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين].

قال: [فعن جابر بن عبد الله أنه سئل ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم في الأعمال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الصلاة].

ولو كان المقصود من هذا النص الكفر العملي لجمع الصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك؛ لأن من ترك شيئاً من هذا سمي كافراً كفراً عملياً، ولا يخرج من الملة.

ولكن السؤال هنا انصب على الكفر المخرج من الملة، فقد قال: ما الذي كان يفرق بين الإيمان والكفر؟ ولو كان يسأل عن الكفر العملي لما كان للإيمان هنا معنى؛ لأنه ذكر الإيمان في مقابلة الكفر، فدل على أن الكفر المذكور في السؤال هو الكفر الذي يناقض الإيمان، وهو المخرج من الملة.

هذه إجابة جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو من المقربين إلى النبي عليه الصلاة والسلام ومن كبار الصحابة.

قال: [وعن الحسن قال: بلغني أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يقولون: بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يدع الصلاة من غير عذر].

وهذا القول قاله من التابعين مجاهد بن جبر المكي تلميذ ابن عباس، وسعيد بن جبير تلميذ ابن عباس كذلك، وجابر بن زيد، وعمرو بن دينار تلميذ ابن عمر، وإبراهيم النخعي، والقاسم بن مخيمرة، كلهم يقولون: بأن تارك الصلاة كافر خارج عن الملة.

ولو لم يكن في هذه القضية عار لتارك الصلاة إلا أن أهل العلم اختلفوا في كفره من عدمه لكفى.

ومن الفقهاء الذين يقولون بكفر تارك الصلاة الإمام مالك بن أنس، والأوزاعي إمام الشام، والشافعي وشريك بن عبد الله النخعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور، وأبو عبيد القاسم بن سلام، جميع هؤلاء يقولون بكفره وخروجه من ملة الإسلام.

وهؤلاء الذين كفروا تارك الصلاة هم علماء السنة وعلماء الإسلام فلا يقال: إن من كفر تارك الصلاة من الخوارج، ومن قال ذلك يلزمه أن يسحب هذا الحكم وهذا الاستهزاء على كل من كفر تارك الصلاة.