[مذهب الحافظ ابن حجر في الصفات]
ممن أنكر الإثبات وتكلف في معنى حديث الأصابع: الحافظ ابن حجر إمام أئمة السنة، فقد زلت قدمه في بعض الصفات فوافق فيها الأشعرية، ولا يعني ذلك أنه في موافقته للأشاعرة في بعض الصفات أنه أشعري، بدليل أنه حمل حملة شعواء في شرحه للصحيح في المجلد الثاني عشر على مذهب الأشاعرة، وأثبت أنهم من أهل القبلة لا من أهل السنة.
فأهل العلم يفرقون بين المصطلحين: أهل القبلة، وأهل السنة، فأهل القبلة: يثبت لهم الإسلام فقط وعندهم انحراف وبدع.
وأما أهل السنة: فإن الاتباع والاقتداء ثابت لهم، ولذلك سموا أهل السنة والجماعة، لأنهم استنوا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام على مراد النبي عليه الصلاة والسلام، وهم الجماعة الذين اجتمعوا على الاقتداء والاتباع بالنبي عليه الصلاة والسلام.
أما الأشاعرة فإنهم فرقة من الفرق، وكذلك المعتزلة فرقة، والخوارج فرقة، والقدرية فرقة، والإباضية فرقة، والشيعة فرقة، والصوفية فرقة، وكلهم ضالون؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي قضى وحكم بذلك، فإننا نقضي ونحكم بما حكم به النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)، فحكم بأنهم للنار لأجل انحرافهم وضلالهم حين ابتعدوا عن منهج السنة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: حيث أوضح أن في تصرف هؤلاء المتأولة الطعن في ثقات الرواة، وصرفهم هذه النصوص عن ظاهرها فيه طعن للرواة الذين رووا هذا الخبر ورد الأخبار الثابتة إلى أن قال: ولو كان الأمر على خلاف ما فهمه الراوي للزم فيه تقرير النبي عليه الصلاة والسلام على الباطل، وسكوته عن الإنكار وحاشاه من ذلك.
يعني: إذا كان كلامهم صحيحاً فإن النبي عليه السلام أقر عبد الله بن مسعود على فهمه الباطل، ولما كان ذلك محال في حق النبي عليه الصلاة والسلام أن يسكت على باطل لابد وأننا نقول: بأن ابن مسعود فهم فهماً صحيحاً سليماً أن النبي عليه الصلاة والسلام ضحك تعجباً وتصديقاً وليس استنكاراً كما قالت المتأولة.
ثم قال: وممن أنكر بل تشدد في الإنكار على من ادعى أن الضحك في الحديث كان على سبيل الإنكار هو ابن خزيمة، فإنه بعد أن أورد هذا الحديث في كتابه التوحيد، قال: يا له من موقف غريب؟ هل هؤلاء يدعون أنهم أعلم بالله وما يليق به من رسول الله أو من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام أو من التابعين لهم بإحسان؟ فمثل هذا يحتار فيه المرء ولا يدري كيف يفسره.
وعلى كل حال فهذه مواقف ثلاثة تمخضت من دراسة أحاديث الأصابع ومواقف الناس منها، وهي: الأول: إثبات صفة الأصابع كما جاءت بها السنة، وهذا معتقد أهل السنة والجماعة.
الثاني: تأويل الأحاديث الواردة والخروج بها عن ظاهرها، وهذا مذهب الأشاعرة.
الثالث: إنكار الأحاديث وردها بدعوى أنها مخالفة للأدلة العقلية القطعية في زعمهم، وهذا منهج المعتزلة والجهمية، والحق أبلج والباطل لجلج.