[كفارة القتل العمد إذا عفى أولياء المقتول عن القصاص]
قال:[وعن ابن الديلمي قال: أتيت واثلة بن الأسقع]، وواثلة بن الأسقع هو آخر الصحابة موتاً على الإطلاق.
قال:[فقلنا له: حدثنا حديثاً ليس فيه زيادة ولا نقصان فغضب، وقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص، فقلنا: إنما أردنا حديثاً سمعته من النبي عليه الصلاة والسلام]، يعني: ما قصدوا ظاهر الكلام، واعتذروا بأن مقصودهم: حدثنا بحديث سمعته من الرسول لكن بغير زيادة ولا نقصان، فلا نريد أن نسمع من قولك شيئاً، ولكن انقل إلينا ما سمعته حرفياً، فغضب لذلك وقال: إن أحدكم يقرأ في المصحف في بيته فيزيد وينقص، فكيف تلزموني بهذا؟ قال: [(فقال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أوجب -أي: وجبت له النار- فقال: اعتقوا عنه يعتق الله كل عضو منه عضواً منه من النار)].
ولذلك جماهير العلماء يقولون: إن كفارة القتل العمد إذا رضي أهل القتيل بذلك هي عتق رقبة مؤمنة، فإذا أعتق نصف هذه الرقبة، يعني: لو كان شريكاً في رقبة فأعتق نصيبه فقد أعتق نصفه أو حظه في الشركة من هذا العبد من بدنه من النار، ويلزمه أن يشارك في عبد آخر ثم يعتق نصيبه حتى يكتمل له عبد كامل، مع إلزامه بالاستغفار والتوبة وحسن الإنابة إلى الله عز وجل.
قال: [وعن ابن عمر: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك والدة؟ قال: لا.
قال: ألك خالة؟ قال: نعم.
قال: اذهب فبرها)]، وهذا يدل على أن الخالة بمنزلة الأم.
أكبر الذنوب هو قتل المؤمن عمداً، ولذلك الصحابة رضي الله عنهم لم يختلفوا قط في كبيرة من الكبائر بأن لها حكم الكبيرة إلا في قتل المؤمن عمداً، ولذلك آثر اللالكائي أن يتكلم عن هذا في مقدمة موضوع حكم مرتكب الكبيرة لأجل الخلاف الناشئ فيه بين ابن عباس وبين الجمهور، والذي يترجح لدي أن ابن عباس رجع عن رأيه الأول وهو أن قاتل المؤمن عمداً لا توبة له، وأن الله تعالى يقبل توبة التائب من ذنبه مهما كبر حتى وإن كان قتل المؤمن عمداً.
والمعاصي كلها صغيرها وكبيرها مؤثرة في نقصان الإيمان، كما أن الطاعات مؤثرة في الإيمان بالزيادة، حتى وإن كانت أعظم الذنوب، وأعظمها هو قتل المؤمن عمداً.