ومنها المغيرية: وهم أصحاب المغيرة بن سعيد، وهو الذي قال: إن الله تعالى جسم على صورة إنسان، بل هو رجل من نور على رأسه تاج النور، وقلبه منبع الحكمة، فإنه لما أراد أن يخلق الخلق تكلم بالاسم الأعظم، فطار فوقع تاجاً على رأسه، وذلك تفسير قوله تعالى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}[الأعلى:١ - ٢]، ثم كتب على كفه -أي: هذا الجسم وهو الإله- أعمال العباد، فغضب من المعاصي فعرق، يعني: لما رأى المعاصي على كفه عرق من شدة الغضب، فحصل من عرقه بحران أحدهما ملح مظلم والآخر حلو نير، ثم اطلع في البحر النير فأبصر فيه ظله، فأنزع بعضاً من ظله فخلق منه الشمس والقمر، وأفنى الباقي من الظل نفياً للشريك، وقال: لا ينبغي أن يكون معه إله آخر، ثم خلق الخلق من البحرين الكفار من المظلم وأهل الإسلام من النير، ثم أرسل محمداً والناس في ضلال، وعرض الأمانة -وهذه الأمانة هي منع علي من الإمامة- على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، وهو أبو بكر حملها بأمر عمر حين ضمن له أن يعينه على ذلك، بشرط أن يجعل الخلافة من بعده له، يعني: أن عمر قال له: أنا مستعد يا أبا بكر! لإعانتك عليها، وهو قوله تعالى:{وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب:٧٢] فـ أبو بكر بعد أن أشفقت الجبال والسماوات والأرض من حمل الأمانة -وهي إثبات إمامة علي - حملها بعد إذن عمر وضمانه له أنه سيعينه على هذه المهمة الصعبة، بشرط أنه عندما يكون إماماً يكتب له وصية بأن يخلفه في هذه الأمانة والمهمة.
وقال في قوله تعالى:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ}[الحشر:١٦] نزلت في أبي بكر، وهؤلاء يقولون: الإمام المنتظر هو زكريا بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو حي مقيم في جبل حاجز إلى أن يؤمر بالخروج.