الشعبة الثانية: إماطة الأذى عن الطريق، وإماطة الأذى عن الطريق من عمل الجوارح، فجمع عليه الصلاة والسلام بين عمل اللسان وعمل القلب في شهادة التوحيد، مع عمل الجوارح في إماطة الأذى عن الطريق، مع العامل النفسي الحياء؛ لأن الحياء هو انفعالات نفسية تدور في نفس الإنسان، فكأن النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يقول: الإيمان لا بد أن يتخلل لسان المرء وقلبه وجوارحه وعواطفه، وحينئذ يكتمل الإيمان.
ولو أن المرء استقصى أعمال الإيمان كما استقصيناها من قبل مراراً، لوجدنا أن أعمال الإيمان فيما هو الراجح من أقوال أهل العلم بلغت تسعاً وسبعين شعبة، فلو أن المرء حقق هذه الشعب كلها لاكتمل إيمانه؛ لأنه قال:(الإيمان - أي: الإيمان الكامل التام - بضع وسبعون شعبة).
والبضع من ثلاث إلى تسع.
وقد تتبع ابن حبان وغير واحد الأعمال القلبية وأعمال الجوارح واللسان التي وردت في القرآن والسنة فوجدوها تسعاً وسبعين عملاً، وهذا قد صنف في غير ما كتاب، كما صنف في ذلك القزويني والإمام البيهقي وغير واحد في كتب أسموها: شعب الإيمان، وأقوى هذه الكتب وأكثرها استيعاباً هو كتاب شعب الإيمان للبيهقي، وهو كتاب عظيم جداً في حوالي عشرين مجلداً شرح فيها شعب الإيمان، وقد سار فيه على منهج ابن حبان بأن شعب الإيمان تسعاً وسبعين شعبة.
وهناك كتاب الإيمان للإمام البخاري، وكذلك كتاب الإيمان للإمام مسلم، وهما في صحيحيهما، وأصرح من مسلم الإمام البخاري حيث كان يقول: باب الزكاة من الإيمان وأتى بالدليل باب الصلاة من الإيمان باب الحج من الإيمان باب الصدقة من الإيمان باب الجهاد من الإيمان وفي كل باب كان يأتي بأدلة من السنة؛ ليثبت أن هذا العمل هو شعبة من شعب الإيمان.