للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض صفات الطائفة المنصورة]

قال: [عن عمير بن هانىء: أن معاوية بن أبي سفيان خطبهم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال من أمتي أمة قائمة)].

و (من) تفيد التبعيض.

يعني: لا يزال بعض هذه الأمة.

(قائمة بأمر الله، لا يضرهم خلاف من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله فهم على ذلك).

وإذا كنت على حق فلا بد أن يكون في اعتقادك أن المخالف لك لا يضرك ولا يؤثر فيك، فكونك تعتقد أن الحق معك ولكن هذا الحق متأثر بالمناوئين والمخالفين فهذه بلية عظيمة، إذ إن الله تبارك وتعالى جعل لك ألف سبيل لتبليغ دينه.

إن الدعوة إلى الله لا تكون في المسجد فقط، فمن الممكن أن هذه الدروس التي تلقى أمام المئات لا يستفيد واحد بكلمة منها، ومن الممكن بحديث واحد لرجل في بيته ينتفع به انتفاعاً عظيماً، وهناك من يأتي إلى المسجد مائة عام ولا ينفعه هذا المسجد.

أي: لا يتعلم منه، فإن الدعوة الفردية أحياناً تكون أبلغ وأكثر تأثيراً وأعمق في قلب المدعو من الدعوة الجماعية، وشخص منا يكون جالساً في وسط الناس أول شيء يضعه في ذهنه أن هذا الرجل الذي يتكلم يكلم هؤلاء الناس، وينسى أنه يكلمه هو، لكن لما أكون أنا وأنت في بيت ما يصير الكلام مباشراً لك أنت، وأنا لا أعني به أحداً غيرك؛ والله تبارك وتعالى ينفع بالدعوة في كل زمان ومكان، في الشارع في المقاهي في الأسواق في الخمارات والحانات، ينفع الله تبارك وتعالى بها أقواماً.

قال: [قال المغيرة: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزال ناس من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون) هذا الحديث عن البخاري ومسلم].

وكذلك ورد من حديث عمران بن الحصين: (لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتل آخرهم الدجال).

وفي حديث يزيد: (ظاهرين على من ناوأهم).

يعني: من حاربهم وخالفهم، (حتى يأتي أمر الله وينزل عيسى بن مريم).

يعني: هذه الجماعة جماعة مباركة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

قال: [عن سعد بن أبي وقاص قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الدين عزيزة إلى يوم القيامة)].

وهذه زيادة تدل على أن أهل السنة هم الذين في عزة؛ لأنهم قد استمدوا عزتهم من العزيز تبارك وتعالى.

فبتمسكك بالكتاب والسنة تستمد عزتك من عزة العزيز تبارك وتعالى، وغيرك الذي ناوأك وخالفك لا عزة له، فإنه ذليل وإن كان في الظاهر أنه عزيز، فهو في الحقيقة من أذل القوم وأحقرهم، ولا خلاق له ولا نصيب لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأنه لا عزيز له يستمد منه العزة، وأما أنت فإنك تستمد عزتك من عزة الله، وقوتك من قوة الله، ونصرك بتأييد الله، أما هو فإنه لا ناصر له ولا مؤيد له ولا عز له.

قال: [عن معاوية بن قرة قال: سمعت أبي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال ناس من أمتي منصورين)] وهذه أيضاً إحدى السمات أنهم المنصورون حتى وإن كانوا يداسون بالأقدام والنعال، حتى وإن كانت بيوتهم اصطبلات، فهم المنصورون وهم الأعزة.

قال: [(لا يزال ناس من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة)].

وجابر بن عبد الله يقول: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء) هذا الحديث ثبت من غير طريق جاء في رواية أبي هريرة وغيره (فطوبى للغرباء) قيل: هي شجرة في الجنة عظيمة لا يأكل منها إلا الغرباء.

وهذا الحديث له فقه طويل وقصة عظيمة جداً ينبغي طرحها في محاضرة خاصة ولعل ذلك يكون في درس الجمعة القادم بإذن الله تبارك وتعالى.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.