[حكم من قال بأن الإيمان هو التصديق فقط]
قال: [وقال حذيفة: إني لأعلم أهل دينين في النار]، يعني: أنا أعرف فرقتين في النار، وإن كانوا يدينون بدين واحد، ويزعمون أنهم مسلمون.
قال: [يقولون: الإيمان كلام وإن زنى وإن سرق]، يعني: يقولون: الإيمان تلفظ فقط، وهذا قول المرجئة، وغلاة الجهمية.
فالمرجئة يقولون: الإيمان هو التصديق، يعني: لو أن العبد صدق بقلبه يكون كفاية، لكن الجهمية يقولون: الإيمان هو الإقرار، يعني: لا بد أن يقر العبد بلسانه أنه مسلم، وكلاهما باطل.
فيقولون: الإيمان كلام وإن زنى وإن سرق وإن قتل، وهم يقولون: إن من كان قبلنا كانوا ضلالاً، وهذه الفرقة الثانية يزعمون أن الصلوات ليست خمساً وإنما هي اثنتان، واحدة في الصباح وواحدة في المساء، فالقائلون بهذا حوالي ثنتي عشرة فرقة من فرق الضلالة.
والحقيقة ليست كل فرقة قالت هذا وإنما بعض الفرق الفرعية التي تشعبت عن الفرق الأصلية قالوا هذا؛ ولذلك هذا القول غير مشهور.
لكن الصلاة أمر معلوم من دين الله بالضرورة، من حيث العدد أمر معلوم، فمثلاً: لو قال رجل: الظهر ثلاث ركعات، لا نقبل منه هذا الكلام، ولا يحل له أن يقول هذا، فأنت لما تسأل طفلاً صغيراً لم يبلغ الحلم: كم ركعات صلاة الظهر؟ يقول لك: أربع ركعات، ولما تقول له: والصبح كم ركعة؟ يقول لك: ركعتان وهكذا، فهو يريد أن يقول لك: إن عدد الصلوات والركعات من الأصول التي لا يقبل من أحد خلاف ما هو مجمع عليه، وما جاء في الكتاب والسنة فيها.
وهناك شخص يقول بهذا القول وهو لا يخفى عليكم، وهو المعروف بـ إيهاب بن حسن السلفي الأسدي، فقد كتب كتاباً ينكر فيه دخول الجني في الإنسي، وأنا لما قرأت قليلاً من هذا الكتاب ما طقت، لأنه كلام ليس فيه روح العلم ولا نور العلم ولا إيمان أبداً، كلام من عند نفسه، لم يرجع فيه إلى أحد من أهل العلم، وقد رد عليه سماحة الشيخ ابن باز وسلخه سلخاً.
فـ ابن باز قال بجواز دخول الجني في الإنسي، فقلت للذي أعطاني الكتب: أنا لا أستطيع قراءة هذا الكتاب، وأرجعه للحيوان هذا وأخبره أنه لا بد أن يبتلى في دينه؛ لأن هذه ضريبة الوقوع في أعراض أهل العلم، هذا ليس من عندي ولا أنا مكشوف عني الحجاب، لكنها سنة الله تعالى الكونية في الخلق، أن الذي يقع في أهل العلم لا بد أن يبتلى؛ لأن أهل العلم يقولون: لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وما تعرض أحد لعالم بالثلب إلا ابتلاه الله قبل موته بموت القلب، فقلت له: سيبتلى، وفوجئنا بثنتي عشرة رسالة، منها: الرد على جهالة الألباني، والرد على سفالة الألباني، فكل عنوان رسالة، فيزين العنوان حتى أن الناس تقرؤه وتشتريه، وهكذا.
ففي هذه الرسالة تضعيف ما صححه الألباني، وتصحيح ما ضعفه الألباني، فهذا لا يمكن أن يصدر من إنسان سوي محترم، فلم يكتب لهذه الكتب القبول، بل صبت اللعنات والسباب والشتائم على قائل هذه الكلمات، وما برح هذا الرجل أن مضى على طباعة هذه الكتب سنة أو سنتين إلا وسمعنا أنه يخطب في الناس ويقول: بأن الصلوات الخمس لم يثبت بها دليل، إنما هما صلاتان في الصباح والمساء، قلت: الحمد لله أنه وصل إلى هذه المرحلة، الحمد لله أنها جاءت منه، من أجل يأخذ الختم الأحمر ليس خسارة فيه.
قال: [إني لأعلم أهل دينين في النار، يقولون: الإيمان كلام وإن زنا وقتل]، يعني: يقولون: الإيمان هذا عبارة عن إقرار، فمن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يكون إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل وإن أتى جميع القبائح والنقائص، فهم لا يعدون العمل من الإيمان.
قال: [وقوم آخرون يقولون: إن من كانوا قبلنا ضلالاً يزعمون أن الصلاة ليست خمساً وإنما هما صلاتان: صلاة العشاء وصلاة الفجر].