للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تأخر من يصلح للإمامة إذا لم يوجد غيره]

السؤال

من كان يعمل كبيرة توجب لعنة الله ثم تركها لأجل الله عز وجل وتعلم القرآن وصار الناس يرونه أهلاً للإمامة وهو يخاف أن يتقدمهم، ويخاف أيضاً أن يتخلف عن إمامتهم فهو من أقرئهم للقرآن، حتى لا يدخل للإمامة من يفسد الصلاة، فكيف المخرج يرحمكم الله تعالى؟

الجواب

ويرحمكم.

لا بد أن تعلم أن الإمامة هي دين الله عز وجل، يعني: أن مسألة الإمامة والتصدي لإمامة الناس أو تدريسهم أو قضاء حوائجهم من التكليف الشرعي، فهذا الأمر ليس من باب التشريف بل هو تكليف شرعي، فإذا تعينت عليك الإمامة -بمعنى: أنه لا يوجد أحد في الناس يصلح أن يكون إماماً إلا أنت- فتأخرك معصية لله عز وجل، وهذا ورع كاذب، بل الورع هو الاستقامة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، فالاستقامة: أن تحافظ على صحة صلاتك وصحة صلاة الناس.

ولو تورعت أن تصلي بالناس ثم دخلت في الصلاة الجهرية خلف شخص لا يحسن قراءة الفاتحة فإنك ستبقى في صراع نفسي أثناء الصلاة هل تعيد الصلاة أم لا؟ وإذا كنت خائفاً على صلاة الناس أيضاً فماذا ستقول لهم بعد الصلاة؟ وهل ستأمرهم بإعادة الصلاة؛ لأن هذه الصلاة باطلة.

وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله في النار)؛ لأنه تعين عليهم العمل فتخلفوا عنه عمداً، فهذه معصية أخرى، فلا تتصور أن هذا ورع في وقت قد تجرأ فيه جل الناس على الإمامة، وكل واحد يرى أنه أولى بالإمامة وأنه أهل للإمامة، بل إن المؤذن الذي لا يحسن أن يؤذن إذا أذن وأقام الصلاة يجد شخصاً واقفاً جنبه أو اثنين أيضاً، بل إنه بعد أن يفرغ من الإقامة يطمع في الإمامة، وكل واحد يرى أنه أهل للإمامة، والورع أن تنظر بتقوى الله فلا ترى من هو أفضل منك للإمامة، وليس معنى ذلك أنك أفضل الناس على الإطلاق، ولكنك أفضل الموجودين في شروط الإمامة، مع أنه يمكن أن تكون فاسقاً عياذاً بالله، فقد يكون عندك كبيرة تفسق بها، وصاحب الكبيرة المحافظ عليها فاسق، وإمامة الفاسق جائزة، والفاسق لا يفسق إلا بكبيرة أو بالمحافظة على الصغيرة.

وتسعون في المائة من الأئمة في التكبير حتى في الصلاة السرية يقول: الله أجبر بالجيم بدل الكاف، ومذهب جماهير الفقهاء أن تحويل الكاف إلى جيم يبطل الصلاة ويلزم الإعادة حتى في الصلاة السرية.

فهذه مسائل فنية لا دراية لأحد بها إلا أحد تدرب عليها وعرف أحكام التجويد ومخارج الحروف، وعامة الناس لا علم لهم بذلك.

وهذه من مسائل الدين.