جعل النبي عليه الصلاة والسلام توحيد الله عز وجل أعلى مراتب الإيمان، وهو كذلك حقاً، وهذا التوحيد متعلق بالقلب واللسان والجوارح، فهو متعلق باللسان أولاً؛ لأن المرء القادر على أن ينطق بالشهادتين إذا لم ينطق بهما لا يصح له الإسلام، بل لا يثبت له الإسلام وإن عمل بمقتضى الإسلام كله؛ لأنه يجب عليه أولاً قبل العمل أن ينطق بالشهادتين، وفي حين نطقه بالشهادتين يستقر في قلبه الإيمان الجازم بهذه الكلمة محبة ورضاً وذلاً وخضوعاً، وغير ذلك من لوازم الإيمان.
إن كلمة التوحيد تستلزم نطقاً باللسان واعتقاداً بالقلب وعملاً بالجوارح بمقتضى هذا الإيمان، ونحن نقول دائماً: الإيمان قول وعمل، قول باللسان وعمل بالجوارح والقلب، فلا بد أن يحب القلب هذه الكلمة، وأن يرضى عنها، وأن يعلم حقيقتها، وإلا فقد امتنع المشركون عن النطق بهذه الكلمة؛ لأنهم علموا مقتضياتها، وأنها ليست مجرد كلمة تقال فقط.
هذه الشعبة الأولى من شعب الإيمان، وهي في أصل الطاعة.