جيراني يؤذونني بالأفعال السيئة والألفاظ القبيحة، ويسكبون على شقتي الماء، وأفتح الشقة فأجدها مليئة بالماء، وتقول صاحبة البيت: اخرج من المنزل إن كنت لا تحبه! فما حكم هذا، وكيف أتصرف معهم؟ أرجو الإفادة.
الجواب
حسن الجوار شعبة من شعب الإيمان، ومن لم يقم بهذه الشعبة نقص إيمانه على قدر نقصان هذه الشعبة، وجبريل عليه الصلاة والسلام وصى بالجار حتى ظن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سيجعل الجار وارثاً لجاره من كثرة ما أوصى جبريل عليه الصلاة والسلام نبينا صلى الله عليه وسلم بحسن الجوار.
وحسن الجوار قد وردت فيه آيات وأحاديث لا حصر لها، وسلفنا رضي الله عنهم كان من أحوالهم أنهم يتحملون أذى الجار مخافة أن يردوا عليهم الأذى بأذى، فكانوا يحتملون أذى الجار في سبيل الله عز وجل، فهذا يخسر إيمانه بسبب إساءته للجار وذاك يزداد إيمانه بسبب احتماله لهذا الجار.
وفي الحقيقة سوء الجوار هذا سمة عامة على المجتمع، فلا تكاد تدخل في مكان إلا وتفكر في الرحيل عنه إلى مكان آخر، وذلك بسبب الكلمات القبيحة جداً التي لا يمكن أن تصلح لتربية الأبناء، وبسبب الأفعال والاتهامات، والنبي عليه الصلاة والسلام أقام الحد على امرأة مخزومية؛ لأنها سرقت، لكن ورد عند مسلم أنها كانت تستعير العارية وتجحده وكانت جارة، ووقع الخلاف عند أهل العلم: هل جاحد العارية سارق تقطع يده لجحد العارية أم ليست سرقة؟ والراجح: أن جحد العارية ليس بسرقة؛ لأن السرقة لها شروط، منها أن يسرق من حرز مغلق، وجحد العارية ليس حرزاً، لكن الرواية ذكرت أن هذه المرأة كانت تجحد العارية من باب ذكر صفتها، وقد كان بنو مخزوم يستحيون من هذه المرأة؛ لأنها قد جلبت لهم العار وهم من أشراف القوم.
وأتى رجل النبي عليه الصلاة والسلام وقال:(يا رسول الله! إن لي جاراً يؤذيني، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أخرج متاعك على الطريق، فأخرج الرجل متاعه على الطريق ومكث بجواره، وكلما مر عليه أحد قال: ما شأنك؟ قال: يؤذيني جاري ويأمرني النبي عليه الصلاة والسلام بإخراج متاعي، فكان كلما مر عليه أحد وسمع بهذا قال: لعنة الله على جار السوء).