قال:[وجعلت له الأرض ولأمته مسجداً]، معناه: أن الأرض طاهرة إلا ما تيقنا نجاسته، كالمقبرة والحمام ومرابض الإبل؛ وذكر مرابض الإبل لأنها من الشيطان، والحمام لأنه مظنة النجاسة، والمقبرة لاختلاطها بالدماء وصديد الموتى، وما إذا تيقنا نجاسته بوقوع البول فيه دون جفاف الأرض أو تطهيرها بالماء، فهذه الأماكن نجسة وما عداها طاهرة، فأينما أدركتك الصلاة فعندك المسجد -وهو الأرض- وعندك الطهور -وهو صعيد الأرض- تتيمم وتصلي.
أما اليهود والنصارى فإن جميع الأرض عندهم نجسة إلا ما تيقنوا طهارته، وهي البيع والكنائس.
فانظروا إلى الفرق بين هذه الأمة والأمم السابقة، إنه لفرق عجيب جداً، ولذلك وضع الله تبارك وتعالى الإصر والأغلال التي افترضها على الأمم السابقة عنا ورحمنا فيها، فجعل لنا الأرض كلها طاهرة إلا ما تيقنا نجاسته، وجعل لأهل الكتاب الأرض كلها نجسة إلا البيع والكنائس، فصلاة الواحد منهم لا تصح إلا في البيع والكنائس، وهذا الشيء بكامله كان قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام، أما بعد البعثة فلا صلاة له؛ لأنه بمجرد البعثة إن لم يؤمن فهو كافر، فلا صلاة له ولا طاعة له مقبولة.