القاعدة العاشرة: كل ممثل معطل لحقيقة الصفة وذاتها.
فالذي يقول: يد الله كيدي في الحقيقة هو معطل ليد الله عز وجل، صارف لها عن حقيقتها.
كذلك كل معطل ممثل، أي: أن الذي يعطل المولى تبارك وتعالى عن صفاته لا بد أن يئول في نهاية الأمر إلى تمثيله بالمخلوقين، لأنه لم يفهم من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوقين.
فإن قال قائل: لا أقدر أن أتصور أبداً كيفية يد الله عز وجل فكيف يخاطبني الله سبحانه وتعالى بشيء لا أعرفه؟ قلنا: إن الله سبحانه وتعالى يخاطبك بشيء لا تعرفه، وذلك من باب أنك لا تعلم كيفيته؛ ليبتليك أتؤمن أم تكفر، فإنه يصعب عليك أن تثبت لله تبارك وتعالى صفاته وتقول بلزوم التمثيل والتشبيه، فإن قلت: وأنا لا يمكن أبداً أن أتصور يد الله إلا أن تكون كيدي، وساق الله إلا أن تكون كساقي، ومجيئه إلا كمجيئي ونزوله كنزولي من السلم، فهذا هو النزول الذي أعلمه، ولا أتصور أن الله يخاطبني بما لا أعلمه.
فنقول: الله تبارك وتعالى خاطبك بما تعلم، ولكن ليس عالم الغيب كعالم الشهادة، فلما كان ذات الله تبارك وتعالى غيباً عنا غير مشاهد فكذلك صفاته غيب عنها غير مشاهدة، ولذلك يلزم الإيمان بها كما أقررت بلزوم الإيمان بالذات وأنت لم تره.
فلو قلنا لك الآن: هل تعلم ذات المولى عز وجل؟ ستقول: أعوذ بالله! أنا لا أعلمها، بل الذي يعلمها هو الله تبارك وتعالى، لكني أؤمن أن الله تبارك وتعالى له ذات موجودة، فإذا كنت تستعيذ بالله من وصف الذات فلا بد أن تستعيذ بالله من وصف الصفات كذلك، وهذا أمر لازم.