وقال شيخ الإسلام في تفسير سورة الإخلاص في كتابه (دقائق التفسير): (فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج، وأنه كلم موسى في الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان، {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}[فصلت:١١] لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة).
يعني: لا يلزم من النزول والكلام والإتيان والمجيء الذي نحن نفهمه أن يكون مثل نزولنا ومجيئنا واستوائنا وغير ذلك.
قال:(حتى يقال: ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر).
يقصد بذلك: أن نزول الله تبارك وتعالى بخلاف نزولنا، فالنزول يستلزم تفريغ المكان الذي كنت مستوياً عليه، بخلاف نزول المولى تبارك وتعالى فإنه لا يستلزم ذلك؛ لأن نزول المخلوق غير نزول الخالق، فلا نخوض فيما لم يخض فيها السلف رضي الله عنهم أجمعين.
وذكر مرعي الكرمي مذاهب أهل العلم التي ذكرناها واختلافهم في نزول المولى تبارك وتعالى، وسرد ذلك كله البيهقي.
قال البيهقي: وأسلمها - أي أسلم هذه المذاهب - الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق صلى الله عليه وسلم فيصار إليه.
قال: ومن الدليل على ذلك: اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب فحينئذ التفويض أسلم.
وهذا مذهب السلف الذي أقول به وأدين الله تعالى، وأسأله سبحانه الموت عليه مع حسن الخاتمة في خير وعافية.