[الأدلة على عموم مشيئة الله تعالى وأنها الغالبة النافذة]
وأما الأدلة من الكتاب والسنة، فقد قال الله تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة:١٣].
إذاً: فقد شاء الله تعالى الهداية لأهل الجنة، وشاء الضلال لأهل النار، وكل يقع بأمره، وقوله {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي}[السجدة:١٣] أي: أن إرادته نفذت في أهل الضلال حتى أدخلهم النار، وقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس:٩٩]، وقال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٩].
فالله تعالى أثبت للعبد مشيئة، لكن مشيئة العبد مندرجة تحت مشيئة الله، فلا يمكن أبداً أن يشاء العبد شيئاً إلا وقد سبق في مشيئة الله وإرادته، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٩]، وقال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان:٣٠]، وقال تعالى:{مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:٣٩]، وقال تعالى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}[الأنعام:١٢٥]، وهذه إرادة شرعية دينية؛ لأنه أراد له الهداية، فهداه وشرح صدره للإسلام، ((وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ)) أي: أن الضلال يقع بإذنه ويقع بعلمه، والله تعالى كتبه أزلاً.