بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: [(باب الشفاعة لأهل الكبائر)].
أي: باب إثبات أن الشفاعة ينتفع بها أصحاب الكبائر.
هذا الباب معقود للرد على المعتزلة الذين يقولون بأن من دخل النار لا يخرج منها، ونحن نعلم أن صاحب الكبيرة في مشيئة الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وإن عذبه فمآله الخروج من النار ودخول الجنة.
والخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة كما عرفنا مراراً، والمعتزلة يقولون: لو دخل النار لا يخرج منها قط، ثم يأتون بالآيات والأحاديث التي تدل على دخول النار والأبدية والخلود فيها الواردة في حق الكفار فيحملونها على من دخل النار عموماً أو مطلقاً، وأنتم تعلمون أن أصحاب الكبائر أو أصحاب الذنوب والمعاصي إذا أراد الله عز وجل أن يعذبهم أدخلهم النار ثم يخرجون منها، والأدلة على ذلك كثيرة ومتواترة، وستأتي معنا بإذن الله تعالى.
قال: [سياق ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة لأمته، وأن أهل الكبائر إذا ماتوا عن غير توبة يدخلهم الله عز وجل إن شاء النار، ثم يخرجهم منها بفضل رحمته ويدخلهم الجنة، وقد مضى في حديث جابر وغيره في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم:(أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي) وذكر منها الشفاعة].