[سياق ما دل من كتاب الله وسنة رسوله على أن من صفات الله الوجه]
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: فإن الوجه ثابت لله عز وجل في كتابه الكريم، وفي سنة نبيه العظيم عليه الصلاة والسلام، وأجمع على ذلك سلفنا رضي الله تبارك وتعالى عنهم، وخالف في ذلك المتأخرون، أو خالف في ذلك الخلف جميعاً.
وصفة الوجه لله عز وجل صفة ذاتية خبرية، وليست صفة فعلية، بل هي صفة ذاتية، بمعنى أنها لازمة لذاته منذ الأزل وإلى الأبد، فهي لازمة له أولاً وآخراً ولا تنفك عنه، فهي ليست من صفات الأفعال التي إذا شاء الله تعالى فعلها وإذا شاء لم يفعلها كصفة الكلام والضحك والغضب والإتيان والمجيء والسرور والفرح، وغير ذلك، فهذه صفات فعلية إذا شاء فعلها وإذا شاء لم يفعلها، بخلاف الصفات الذاتية اللازمة له، والتي لا تنفك عنه سبحانه وتعالى.
وثبتت هذه الصفة كغيرها من الصفات الخبرية بكتاب الله عز وجل، قال: [قال الله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]] فهذه الآية أثبتت أن لله تبارك وتعالى وجهاً.
قال: [وقال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨]].
أي: وجه الله تبارك وتعالى.
قال: [عن أبي موسى: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات فقال: (إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه -يعني: يخفض الميزان ويرفعه- يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفها -أي: لو كشف هذا الحجاب- لأحرقت سبحات وجهه) زاد عبد الله: (كل شيء أدركه بصره)].
فأثبت في هذا الحديث أن له وجهاً.
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث طويل: [(ما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)]، فإذا رفع هذا الحجاب رأى الناس ربهم تبارك وتعالى وذلك في الآخرة.
أي المؤمنون.
وهذا الحديث قطعة من حديث طويل عند البخاري ومسلم في أبواب رؤية الرب تبارك وتعالى لأهل الإيمان.