[إلقاء السلام وإفشاؤه من شعب الإيمان]
قال: [قال: النبي عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا -لأن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة- ولا تؤمنوا حتى تحابوا).
إذاًَ: فسبب الإيمان هو المحبة، أو علامة الإيمان محبة المؤمنين بعضهم لبعض.
قال: [(أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟)]؛ يعني: أدلكم على البوابة التي إذا فعلتموها ودخلتم منها حصلت لكم المحبة والثواب، قال: [(أفشوا السلام بينكم)].
ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب إلقاء السلام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (ألق السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف)، أي: من المسلمين، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا لقيتم اليهود والنصارى فلا تبدءوهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم، فإنهم لا يقولون السلام: وإنما يقولون: السام.
أي: يقول اليهود والنصارى: السام عليكم، فإذا قالوا لكم ذلك فقولوا: وعليكم).
ولذلك دخل رجل من اليهود على النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (السام عليك يا محمد! فقالت عائشة من خلف الجدار رضي الله عنها: وعليك السام واللعنة والغضب يا عدو الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، يا عائشة! إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.
قالت: يا رسول الله! أما سمعت ما قال؟ -أي: أما سمعت أنه يقول: السام عليك يا محمد أي: الهلاك والموت عليك يا محمد! - قال: أما سمعت ما رددت به عليه؟) يعني: أنا قلت: وعليكم، وهذا فيه كفاية.
لو أني سمعت مسلماً يقول لرجل من المسلمين أحبه: السام عليك لغضبت غضباً شديداً، ولو قال أحد لشيخك مثلاً: السام عليك، وأدركت المقصود ربما غضبت غضباً شديداً وحدثت بينكما مشاجرة.
فهذه عائشة رضي الله عنها أخذتها الغيرة والغضب والحب للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن حبها للنبي انعقد في الله عز وجل، فتأبى هذه المحبة أن تسمع دعاء بالهلاك على النبي عليه الصلاة والسلام، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تبدءوهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه).
قال العلماء: اضطرار اليهود والنصارى في أضيق الطريق أن يكون للمسلم عرض الطريق، أي: وسطه، ولليهود والنصارى حافة الطريق، فهذا الاضطرار لأضيق الطرق؛ لأن بعض الإخوة فهمه للنص أن يظل يضيق عليه في مطلق التعامل معه.
وهذا مفهوم غير صحيح للنص، وإنما دعه يمشي على حافة الطريق، أما المسلم فله وسط الطريق، وهذا الوسط يدل على العزة، ولكن هذا الكلام حينما كان للمسلمين عزة، ودولة وصولة وجولة، وحكام يدافعون عنهم ويحبون الإسلام والمسلمين وغير ذلك، ولما كنت كذلك محترماً لدينك ولإسلامك ولإيمانك، لكن حينما فقدنا هذه المؤهلات كلها وصرنا أذل أمة وأحط من اليهود والنصارى فينبغي أن نجعل اليهود والنصارى يمشون معنا في وسط الطريق.
فهذا كان من قبل خاصة أيام الدولة الأموية ناهيك عن الخلافة الراشدة أو فترة النبوة، كان النصراني أو اليهودي إذا كان في شارع أمام بيته ووجد مسلماً أتى من بعيد كان يهرب إلى داخل بيته ويغلق البيت، حتى يوسع الطريق للمسلم، وما كان ممكناً أن يضع رجلاً على رجل والمسلم يمشي في الشارع، لم يكن هذا موجوداً، فلو كان ممكناً لقطع رقبته، ولقامت فيها مجازر بين اليهود والمسلمين.
فـ سنسبري اليهودي الذي كتب على محلاته في لندن: ممنوع دخول الكلاب والعرب، أي: أنه يساوينا بالكلاب! ثم يأتي إلى بلادنا ويستثمر فيها، وهذا كله لمصلحة البلد، نعم لمصلحة ضرب اقتصاد البلد، وغيرها من الشركات التي ترتع في أموال المسلمين بالليل والنهار، فهذه الشركات النصرانية واليهودية التي تمرح وترعى في البلد بغير رقيب ولا حسيب، هم هؤلاء ناس صالحون ومحترمون!! أما أن تقوم شركات إسلامية تظهر للعالم حسنة واحدة من حسنات الإسلام ومن حسنات الاقتصاد الإسلامي فهذا لا يمكن، فهؤلاء ينبغي أن يقتلوا في مهدهم وينبغي ألا يظهروا.
وهذا ليس موضوعنا، إنما موضوعنا لما يسلم علينا يهودي أو نصراني إذا تأكدنا من أنه يقول: السلام عليكم، نقول: وعليكم السلام، وهذا مذهب ابن تيمية وابن القيم، أما إذا لم نتأكد ماذا قال فيجب علينا أن نقول: وعليكم فقط، أي: الهلاك علينا وعليكم، نحن وأنتم سنموت فليس أحد منا سيخلف.
ولو اضطررت إلى ذلك فاخرج منها واهرب منها، فقل: كيف حالك، سلامات، صباح الخير، مساء الخير.
الخصلة السابعة والعشرون: [قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)]، وأفشوا من الفشو والانتشار، وكأنه يريد أن يقول: ما أحد يمر على أحد إلا ويسلم عليه، سواء يعرفه أو لا ي