للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطأ الإمام النووي في تأويله لصفة الساق لله تعالى]

قال الإمام النووي في تفسير حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم في قوله: (فيكشف عن ساق)؛ قال: فسره ابن عباس وجمهور أهل اللغة بالشدة.

وانتبه أنه قال: جمهور أهل اللغة، وابن الجوزي قال: جمهور العلماء.

أي: علماء الشرع.

لذا فأنت عندما تسمع مذهب الجمهور فالمقصود به: جمهور الفقهاء، لا جمهور اللغويين، فانظر إلى ابن الجوزي كيف عمى علينا وقال وجمهور العلماء؟! والصحيح أنهم جمهور اللغويين الذين قالوا: بأن الساق هي الشدة، ولو قالوا بذلك فلا يعول على كلامهم؛ لأن الساق تعني الشدة في أحد وجوه اللغة، لكن لا يستلزم هذا إنزال هذا المعنى اللغوي على هذا النص؛ لأن هذا يعتبر تلبيساً.

والإمام النووي قد نقل كلاماً عظيماً جداً عن كثير من أهل العلم القائلين بأن الساق تعني الشدة، وهذا على عادة الإمام النووي، فإذا كان مضطرباً في مسألة ما فإنه ينقل أقوال أهل العلم دون أن يرجح، وفي ترجمة الإمام النووي التي ذكرناها من قبل: أنه لم يتمكن من دراسة علم العقيدة، مع أن علم العقيدة متعلق بذات الله تبارك وتعالى، فأنت الآن عندما تدرس كل العلوم الشرعية ولست متمكناً من العقيدة فسيخرج لك صبي في الكتاب يعدل عليك، لكن في الفقه عندما تخطئ أو تتبنى مذهباً شاذاً لا يكون لذلك تأثير، أو غير ذلك.

يعني: نحن مثلاً: عندما نعيب على ابن حزم، أو نعيب على أحد من أهل العلم مذهباً قد ذهب إليه في مسائل الفروع في الفقه، فلا يكون لذلك تأثير، لكن عندما نقول: فلان هذا جهمي، رغم أنه فقيه، فلان هذا معطل، رغم أنه محدث، فلان هذا قدري، رغم أنه كذا كذا، فلان هذا شيعي، رغم أنه كذا وكذا، فسيكون ذلك أمراً شنيعاً جداً؛ لأن الخطأ في العقيدة ليس كأي خطأ قط، ولذلك ينبغي أن تتنبه إلى أن دراسة علم الاعتقاد والتمكن منه على مذهب السلف ومعرفة أصولهم التي أصلوها وساروا عليها، أهم شيء في حياة العبد المسلم.

ولذلك يقول أهل العلم: وهذا من العلم الذي لا يسع المسلم جهله، إذ إن من العلوم ما يمكن أن يسعك جهله، ومنها ما لا يمكن أن يسعك جهله، وعلى رأس ذلك: علم الاعتقاد والتوحيد فلا يسعك جهله.

وعلم العقيدة لا يتوقف على أنك تذهب لتتزوج فيأتون لك بالبنت من أجل أن تراها، وتقول لها: أين الله؟ فتقول لك: في السماء.

فتقول: يكفي.

هذه البنت سلفية (١٠٠%).

هذه خيبة! إذ إنه لم يثبت أن واحداً من السلف تقدم لخطبة امرأة واختبرها، بل كان يتلصص إلى أن يرى جزءاً من بدنها، فينظر ما يعجبه ويسره فيتقدم لها، لذا فلا يصح أن يتقدم شخص لفتاة فيخرج هذه الورقة من جيبه ويسأل هذه الأسئلة.

ورحم الله الشوكاني فإنه قال في تفسير سورة القلم: وقد أغنانا الله سبحانه وتعالى في تفسير هذه الآية: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:٤٢] بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لا يستلزم تجسيماً ولا تشبيهاً، فليس كمثله شيء.

فانظر إلى هذا الكلام الجميل، فالحديث يبين الآية، وقد بين أن المقصود من الساق في الآية هي ساق الله عز وجل، فنثبتها من غير تجسيم ولا تمثيل مثل بقية الصفات، ولا يصح أن نخصها بكلام بمفردها، فهي مثل العين واليد، والقدم والأصابع والكف والأنامل وغيرها، فنقول فيها كما نقول في بقية الصفات.