وقال طلق بن حبيب:[كنت أشد الناس تكذيباً بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله الأنصاري، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها فيها ذكر خلود أهل النار].
قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها) حديث كهذا عند الخوارج يقولون: هاهو الحديث يقول: (خالداً مخلداً فيها)، ونحن نعلم أن من قتل نفسه ارتكب معصية، والمعصية ليست كفراً، فإن كان الذي قتل نفسه كافراً فإنه يحمل الخلود في هذا الحديث على الأبدية، وإن كان عاصياً صاحب كبيرة فلابد أن تصيبه الشفاعة، ويحمل الخلود هنا على المكث الطويل، وهذا معروف في كلام العرب، أن الخلود بمعنى: المكث الطويل.
قال:[فقرأت عليه كل آية أقدر عليها فيها ذكر الخلود في النار، فقال لي: أتراك يا طلق بن حبيب! أقرأ لكتاب الله، وأعلم بسنة نبيه مني؟] يعني: أنت يا طلق بن حبيب! ترى أنك أقرأ لكتاب الله مني، وأعلم بسنة الرسول مني؟ قال:[قلت: لا.
قال: فإن الذي قرأت إنما نزلت في المشركين].
وهذه بلية الخوارج في هذا الزمان التي يطلق عليها جماعة التكفير والهجرة، إذ يأتون بأحاديث الوعيد كلها التي وردت في حق الكفار والمشركين فينزلونها على أصحاب المعاصي من الموحدين، وهذا بلاء عظيم جداً.
قال:[ولكن هؤلاء -أي أصحاب الكبائر- أصابوا ذنباً فعذبوا ثم أخرجوا من النار، وأومأ بيده إلى أذنيه -يعني: أشار بيده إلى أذنيه- فقال: صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ الذي تقرأ].
يعني: ونحن نقرأ القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام كان يفسر لنا بأن الخلود الوارد في هذه الآيات إنما ذلك في حق المشركين والكفار، أما في حق عصاة الموحدين فلا؛ لأنهم إن دخلوا النار ولم يعصوا الله ابتداء فمآلهم الخروج من النار ودخول الجنة.