[كلام ابن القيم في اختلاف أهل السنة في صفة النزول]
قال ابن القيم: اختلف أهل السنة في نزول الرب تبارك وتعالى على ثلاثة أقوال: فأحدها: أنه ينزل بذاته.
قال شيخنا - يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية - وهذا قول طوائف من أهل الحديث والسنة والصوفية والمتكلمين.
وقالت طائفة ثانية: لا ينزل بذاته.
وقالت طائفة أخرى: نقول: ينزل لا نقول بذاته ولا بغير ذاته، بل نطلق اللفظ كما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم ونسكت عما سكت عنه، وهذا ما يفهم من كلام الأوزاعي وحماد بن زيد وإسحاق بن راهويه.
وقد سئل أحمد بن حنبل فقيل له: يا أبا عبد الله! أينزل إلى السماء الدنيا؟ قال: نعم.
فقال السائل: نزوله بعلمه أم بماذا؟ فقال الإمام: اسكت عن هذا.
فغضب غضباً شديداً ثم قال: أمض الحديث على ما روي.
يعني: آمن به كما جاء ولا تخض في الكيفية.
ومن أقوال هؤلاء الأئمة ومواقفهم يتضح جلياً موقف السلف الصالح من هذه الصفة وغيرها من جميع الصفات الإلهية، وهو الاكتفاء بفهم المعاني العامة للصفات، والإمساك عن الخوض فيما وراء ذلك، فهم لا يبالغون في الإثبات إلى حد التشبيه والتجسيم، كما لا يبالغون في النفي إلى حد التعطيل، بل يقفون مع ظاهر النصوص ولا يتجاوزونها.