[دلالة قوله تعالى:(أن يقول له كن فيكون) على أن القرآن غير مخلوق]
ومن دلائل الكتاب من حيث الاستنباط: قوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:٨٢]، أي: إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يوجد شيئاً وشاءه في عالم محسوس فيقول له: (كن) فيكون هذا الشيء الذي أراده الله تبارك وتعالى، ولكن محل الشاهد من الآية:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ}[يس:٨٢] إذاً: الله تبارك وتعالى يتكلم، والقول إنما هو الكلام، فهذه الآية أثبتت أن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئاً في أي وقت وفي أي مكان وفي أي زمان فقط يقول له:(كن) فيكون هذا الشيء.
فقوله:(أَنْ يَقُولَ) يدل على أن الله تعالى يتكلم.
وقال البويطي: إنما خلق الله كل شيء بـ (كن)، فإن كانت (كن) مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقاً.
يعني: أليست هي قول كذلك؟ إذا أراد الله عز وجل شيئاً يقول له:(كن)، معنى ذلك على منهج المعتزلة والخوارج وبعض الشيعة: أن كلمة (كن) من قول الله عز وجل، فإذا كان قول الله عز وجل مخلوقاً فكذلك تكون كلمة (كن) مخلوقة، فقوله:(كن) إذا كان مخلوقاً هل يتصور أن يكون قوله: (كن) قادراً بذاته على أن يخلق غيره وهو (كن) الثانية؟ فإذا أراد الله أن يخلق شيئاً يقول له:(كن) فيكون، فقوله الأول:(كن) إذا كان مخلوقاً وأوجد غيره من الأشياء، فهذه الأشياء مخلوقة؛ لأنها حادثة، فهل يتصور أن كلمة (كن) المخلوقة تخلق غيرها؟
الجواب
لا.
قال البويطي: إنما خلق الله كل شيء بـ (كن)، فإن كانت (كن) مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقاً، إذاً: نسبوا الخلق إلى غير الله عز وجل، أرأيت خطورة الأمر؟ قلت: وهذا معنى ما يعبر عنه العلماء اليوم: إن هذا -أي:(كن) الأولى- كان مخلوقاً، فهو مخلوق بـ (كن) أخرى، يعني:(كن) غير مخلوقة و (كن) مخلوقة.
وهذه فلسفة تجعل الشخص يخرج كل ما في بطنه؛ لأن الصحابة والسلف والنبي عليه الصلاة والسلام من باب أولى لم يعرفوا هذا الكلام ولم يتعرضوا له.