قالت العبيدية: إن الله تعالى على صورة إنسان، يعني: قالوا: إن الله تعالى إنسان، وعلى صورة إنسان، ولكنه أجمل وألطف وأطيب وأطهر من الإنسان، وهذا بلا شك تمثيل في غاية القبح، واستندوا في هذا الكفر الذي أتوا به إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام:(إن الله تعالى خلق آدم على صورته)، وهذا الحديث في الصحيحين، وفي رواية خارج الصحيحين:(إن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
وهذا حديث مشكل، وبعض أهل العلم ضعف رواية الرحمن، ولكن الصحيح من مذاهب المحدثين أن الحديثين صحيحان.
فقوله:(إن الله خلق آدم على صورته) أخرجه الشيخان، ومناسبته: أن معاوية بن الحكم السلمي لطم جاريته، ثم ذهب يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن كفارة ذلك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:(لا تضرب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته)، فقال بعض أهل العلم: الضمير في قوله: (صورته) يعود على وجه المضروب، وربما يكون الأمر كذلك، ولكن الرواية الأخرى:(إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) يعكر هذا التفسير، وقال المحققون من أهل السنة: إن الله تعالى له ذات وله صورة، وإن العبد له ذات وله صورة، فيكون التقدير: لا تضرب الوجه؛ فإن الله تعالى خلق هذا الوجه وصوره في صورة بمشيئته وقدرته، كما أن لله تعالى صورة تليق بجلاله وكماله.
إطلاق لفظ الصورة على الله عز وجل أمر اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وليس إثبات الصورة لله عز وجل يساوي إثبات الصورة للعبد، كما أن إثبات الصورة للعبد لا تعني بذلك أنه شبيه ومثيل لله عز وجل في صورته.