الفارق الثالث: أن معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على حقائقها، يعني: لا يمكن أن يقال في المعجزة أنها من باب التخيل والتمويه والخداع، فلا يقول أحد: إن هذا القرآن ليس قرآناً حقيقياً، وليس كلام الله تعالى حقيقة، بل هو تمويه وخداع، ولو قال ذلك أحد لكفر.
إذاً: المعجزات حقيقية وليست من باب التخيل ولا الأوهام، وبواطنها كظواهرها، وكلما تأملتها ازددت بصيرة في صحتها، والذي يقرأ كلام الله تبارك وتعالى مرة يستفيد فائدة، فإذا أعاد قراءة نفس الآيات ازداد فائدة ثانية، وثالثة، ورابعة، ولا يزال هذا القرآن كنوزه وفوائده دائمة إلى قيام الساعة، حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وكلما تأملتها ازددت بصيرة في صحتها، ولو جهد الخلق كلهم على مضاهاتها ومقابلتها بأمثالها ظهر عجزهم عنها.
والمعجزة فيها نوع التحدي، ولذلك فإن الله تعالى تحدى العرب وهم أبلغ الخلق على الإطلاق أن يأتوا بعشر سور، أو بسورة، أو بعشر آيات، فعجزوا مع بلاغتهم وفصاحتهم، والنبي صاحب معجزات كثيرة لكن أعظم معجزة أتى بها النبي عليه الصلاة والسلام هي معجزة القرآن الكريم، الذي هو كلام الله تعالى، ومخاريق السحرة وتخيلاتهم إنما هي ضرب من الحيل والتلطف لإظهار أمور لا حقيقة لها، يلقي العصا على الأرض فيراها الناظر إليها حية تسعى، فهذا تخيل وأوهام.