قال:[وإذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها، فاعلم أن وراء ذلك خيراً إن شاء الله].
وعمر بن عبد العزيز عليه رحمة الله بلغ من الفضل والعلم مبلغاً عظيماً، وكان من جلة علماء المسلمين، ومن كبار المحدثين، ولكنه بعد أن تولى الولاية شغلته السلطة وشغله الحكم عن الحديث، وليس معنى ذلك أنه ترك الحديث وانصرف عنه كلية، وإنما كان يحدث ويتحرى الحديث، وينظر في أحوال الرجال بعد إمامته، ولكنه لم يكن بذاك القدر الذي كان عليه قبل الخلافة، فـ عمر بن عبد العزيز قبل أن يكون والياً وسلطاناً كان من أهل العلم الثقات الأثبات، فهو جبل من جبال الحفظ، وتزهد بعد أن تولى الرئاسة، على عكس ما كانت عليه الدولة الأموية من الغنى والثراء، بل كانوا يحملون عمر بن عبد العزيز على الكبر ويدربونه كيف يكون متكبراً.
وبعد أن تولى الخلافة تأسف على كل ذلك، وعاد إلى أصله الفطري، وقال سبحان الله: ما أسوأ قوماً يعلمون أبناءهم كيف يتكبرون! وعمر هو الذي حمل أهل بيته وحمل أولاده على أن يكونوا آخر الأمة تنعماً ورفاهية، وما أظن أنهم ترفهوا قط.
مع أن الأمة الإسلامية اتسعت أكثر في عهد عمر بن عبد العزيز، ولكنه قام على حراسة هذه الدولة خير حراسة رغم انشغاله بالسلطة والخلافة، ولكنه ما تشاغل عن متابعة أطراف الدولة شرقاً وغرباً، فكانت تبلغه الأخبار كل يوم، وكان يأتيه البريد في كل ساعة؛ لشدة حرصه على أحوال رعيته؛ لأنه يعلم أنه مسئول عنها بين يدي الله عز وجل مسئول عن الدابة فكيف بالإنسان الذي صار دمه في هذا الزمان أرخص من دم الكلب؟!