وسئل ربيعة عن قوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول -يعني: هو معلوم لدينا- والكيف غير معقول، لا نستطيع أن نعقله؛ لأن العقل لا يدرك إلا ما أحاط به، أما شيء غيبي فلا يدخل في مقدور العقل ولا في حدوده؛ فكيف يعقله؟ أو كيف يكيفه ذلك العقل؟ قال: الكيف غير معقول، ومن الله الرسالة -أي: الأمر بإثبات ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله- وعلى الرسول البلاغ وقد بلغ، وعلينا التصديق، أي: الإيمان بما فرض الله عز وجل علينا.
وقول مالك: فإني أخاف أن تكون ضالاً، وأمر به -أي: السائل- فأخرج من المسجد؛ هذا يدل على أن كل منحرف عن معتقد السلف ينبغي ألا يجالس؛ لأن مجالس السلف فيها عامة الناس وفيها خاصتهم، وأما الخاصة فلا يخشى عليهم، لكن الخشية كل الخشية أن تفسد عقائد عامة الناس، ولذلك كل مبتدع ضال -خاصة في مسائل الاعتقاد- ينبغي أن يعزل عن مجالس أهل الخير إذا علم عناده وجحوده، أما إذا أتى طالباً للعلم وطالباً للهدى ومنقاداً لأهل العلم من سلف هذه الأمة وممن سار على منهجهم وأخذ من منبعهم؛ فلا شك أن جلوسه هنا مستحب بل واجب عليه.