وكثير من الطلاب يسألون خاصة مع الفتنة التي تدور على الساحة الدعوية: هل العمل شرط صحة أو شرط كمال؟ ونقول ابتداء: إن أهل السنة يعتقدون أن الإيمان قول وعمل، وأن العمل داخل في مسمى الإيمان، فالإيمان قول باللسان وعمل بالقلب والجوارح، والعمل القلبي: هو انقياد القلب وإذعانه وخضوعه لما أقر به اللسان، وعمل القلب شرط صحة في الإيمان، وأما عمل الجوارح فمكمل للإيمان.
والكمال نوعان: كمال واجب وكمال مستحب، وهذا أعظم كلام في الإيمان وهو كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد السابع من الفتاوى، فهو يقول: إن العمل عملان: عمل واجب، وهو ما يطلق عليه الكمال الواجب في الإيمان من الحلال والحرام وغير ذلك من الأمور المفروضة والواجبة، وكمال مستحب وهو الذي يتعلق به المستحبات من سائر النوافل المطلقة والراتبة وغير ذلك، فكلما ازداد المرء من هذه النوافل أحبه الله عز وجل، كما في الحديث القدسي:(وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)، فهذا هو الكمال الواجب، وأما الكمال المستحب ففي قوله تعالى في نفس الحديث:(ولا يزال المرء يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به) إلى آخر الحديث.
فالكمال الواجب متعلق بالواجبات والفروض في الإسلام، ولها تأثير قوي جداً في زيادة الإيمان ونقصانه، والكمال المستحب هو الذي يبلغ بصاحبه ذروة الإيمان وكماله وتمامه.
هذا معتقدنا في كون العمل شرطاً في صحة الإيمان أو شرط كمال، نقول: إذا كان الكلام منصرفاً إلى عمل القلب فإن عمل القلب من الذل والخضوع والانقياد شرط صحة في الإيمان، وأما عمل الجوارح فمنها ما هو متعلق بالكمال الواجب، وهذا يتعلق كذلك بأعمال الجوارح فعله المفروضة الواجبة، وأما الأعمال المستحبة فإنها تدخل في الكمال المستحب.
ونعتقد أن الإيمان يزيد وينقص؛ لأن الشيء إذا كان قابلاً للزيادة فلابد أن يقبل النقصان، وهذه القاعدة مسلم بها حتى عند المنطقيين والفلاسفة، وكذلك عند المرجئة، فالمرجئة يقولون: إذا كان الإيمان يزيد فلابد أن ينقص، ولما كان الإيمان عندهم هو التصديق فقد قالوا بعدم الزيادة في الإيمان، قالوا: لأن تصور الزيادة يستلزم تصور النقصان، والتصديق عندهم لا يقبل النقصان؛ لأنه لو قبل النقصان ونقص لنقص إلى الكفر والخروج عن الملة.