[رد ابن خزيمة على من أول الوجه بالذات في قوله تعالى:(ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)]
وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد: وزعم بعض جهلة الجهمية أن الله عز وجل إنما وصف في هذه الآية نفسه -أي: التي أضاف إليها الجلال بقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٧٨]-، قال: وزعمت أن الرب هو ذو الجلال والإكرام لا الوجه.
قال أبو بكر: أقول -وبالله توفيقي-: هذه دعوى يدعيها جاهل بلغة العرب؛ لأن الله عز وجل قال:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧] فذكر الوجه مضموماً في هذا الموضع مرفوعاً، وذكر الرب بخفض الباء بإضافة الوجه، ولو كان قوله:{ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧] مردوداً إلى ذكر الرب في هذا الموضع لكانت القراءة: ذي الجلال والإكرام مخفوضاً كما كان الباء مخفوضاً في ذكر الرب جل وعلا -أي: في قوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٧٨]- فلما كان الجلال والإكرام في هذه الآية صفة للرب خفض (ذي)، ولما كان الوجه في تلك الآية مرفوعاً كانت صفة الوجه مرفوعة، فقال:(ذو) ولم يقل: ذي، فتفهموا يا ذوي الحجا! هذا البيان الذي هو مفهوم في خطاب العرب، ولا تغالطوا فتتركوا سواء السبيل.