[كلام ابن القيم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه]
وقال ابن القيم عليه رحمة الله في الزاد: واختلف الصحابة: هل رأى النبي عليه الصلاة والسلام ربه تلك الليلة أم لا؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه، وصح عنه أنه قال: رآه بفؤاده، فهذه مطلقة وهذه مقيدة.
وصح عن عائشة وعن ابن مسعود إنكار ذلك، وقالا: إن قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}[النجم:١٣ - ١٤] إنما هو جبريل، وصح عن أبي ذر أنه سأله:(هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه؟) أي: حال بيني وبين رؤيته النور، كما قال في لفظ آخر:(رأيت نوراً)، وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على أنه لم يره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: وليس قول ابن عباس مناقضاً لهذا، يعني: حتى ابن عباس ليس مختلفاً مع عائشة ولا عبد الله بن مسعود في الحقيقة؛ لقوله: رآه بفؤاده، وقد صح عنه أنه قال:(رأيت ربي تبارك وتعالى) ولكن لم يكن هذا في الإسراء، -هذا في حديث اختصام الملأ الأعلى- ولكن كان ذلك في المدينة لما احتبس عنهم صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد -أي: بنى رأيه ومذهبه في هذا الأمر- وقال: نعم، رآه حقاً؛ ولكن لم يقل أحمد رحمه الله: إنه رآه بعيني رأسه يقظة وحقاً، وإنما قال: رآه حقاً، ولم يذكر يقظة ولا أنها كانت رؤية عين.
فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه كـ النقاش: أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك، أي: ليس فيها التصريح بأنه رآه بعيني رأسه، رحمه الله تعالى ورضي عنه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.