[صفة توبة من سب الدين]
السؤال
من سب الدين فهذا كفر مخرج من الملة، فكيف الدخول في الملة مرة أخرى؟
الجواب
على أية حال السائل مصيب في هذا، وإن كان قد حدث عنده في الفهم لبس.
سب الدين لا يختلف أحد أنه كفر؛ ولذلك نقل الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم الصارم المسلول في حكم سب الرسول، تعرض في المسألة الرابعة لسب الدين وقال: أجمع العلماء نقلاً عن ابن عيينة وسفيان الثوري على أن سب الدين كفر لا خلاف على ذلك.
لكن الخلاف هو مناط البحث في الساب نفسه، هل يكفر بسبه للدين؟ إذاً: نريد أن نفرق بين القول وقائله، فالقول هو سب الدين وهو كفر بلا خلاف بين أهل العلم.
أما القائل أي: الساب هل يكفر بهذا أم لا يكفر؟ هذا الذي وقع فيه الخلاف والاجتهاد، فبعضهم قال: يكفر، وبعضهم قال: لا يكفر إلا إذا توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع، فمن موانع إلحاق الكفر بقائل الكفر أن يكون ناقلاً لذلك عن الغير؛ ولذلك أهل العلم يقولون: ناقل الكفر ليس بكافر، كمن كلف بتوصيل أو نقل رسالة فيها كفر.
وكمن قال: سمعت فلاناً يسب الدين، ويحكي قوله، أو أن القاضي يسأل الشاهد ويقول: ماذا سمعته يقول؟ فيقول: سمعته بأذني ورأته عيناي يسب الدين ويقول كذا وكذا، فهذا القول كفر لكنه ناقل له لا فاعل له على الحقيقة، هذا مانع من الموانع.
المانع الثاني: أن يكون مجنوناً، إنسان مجنون سب الدين، ليس عليه حرج، وصبي لم يبلغ ولم يعرف خطورة الأمر ليس عليه حرج كذلك.
والعجيب أنني سمعت امرأة شامية تدرس نساء فيما يتعلق بسب الدين وكان ذلك سنة ١٩٨٣م، وتقول لهن: وكذلك من الموانع: امرأة حائض، هذا عذر، فهذا ليس عذراً.
وقالت لهن: إن رفع الفستان قريباً من الركبة أمر جائز ليس حراماً، واستشهدت بقول الله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} [النمل:٤٤].
ومن الموانع كذلك عدم توجه القصد والإرادة، كمن يسب الدين وهو لم يقصد دين الله الذي نزل من السماء، إنما قصد بالدين أخلاق المسبوب وأفعاله، هذا لا يكفر، لكن يعزر لأنه أطلق السب على الدين.
وكذا من توجهت إرادته لغير دين الله، فلو أن إنساناً سب الدين فقلنا له: ماذا تقصد؟ قال: أقصد دين الله الذي نزل من السماء على محمد عليه الصلاة والسلام، فهذا يكفر، فالذي توجهت نيته وإرادته إلى سب دين الله والذي توجهت إرادته إلى سب أخلاق المسبوب لا يستويان في الحكم.